عنوان الفتوى : كفارة رجوع الشخص فيما عاهد عليه الله

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

أنا وزوجي نسكن في بلدي، بسبب ظروف عملنا، ونذهب إلى بلده في الإجازات، وذات يوم قال لي إنه طلب الزواج من أرملة من بلده، ولديها أولاد، وهي وأهلها كانوا سعداء بذلك جدا، وأنا أعرفها، فهي حسنة الخلق، وعلاقتي بها هي وأولادها جيدة، وقال لي إنه يحبني أكثر من أي أحد، ولكنه يريد أن يتزوجها في بيته، وفي بلده، ويعمر البيت هناك، وأنه يريد أن يكثر النسل، حيث لدي ولدان، وعندي تعب يجعل أمر الحمل مجددا صعبا، وطبعا كل شيء بيد الله، وهو يريد أن يكون له الكثير من الأولاد، إلى جانب أنه متعاطف مع حال تلك الأرملة، وأولادها اليتامى نفسيا، وماديا، وهي مستورة، وليست بمحتاجة، وكما قال لي إنه عندما يفكر أن يتزوج فإنه يفكر في واحدة تكون بمثابة أختي، وأحبها، وقال لي إنه يريد أن يعرف رأيي قبل كتب الكتاب، فأنا طبعا شعرت بغصة في قلبي وحزن، ولكنني قلت له: وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم. وإذا كان مصرا على أن يتزوج من ثانية، فلن يجد أفضل منها خلقا، ولعلنا نكسب ثوابا، وأنه لا يمكن إلا أن يكون في الزواج الثاني بعض الألم للزوجة الأولى، إلا إن فيه سعادة للزوجة الثانية والزوج، ولعل بمحاولة الرجل العدل بينهما يذهب ذلك الحزن عن الزوجة الأولى، وتصبحان أختين، وتساندان بعضا، وشرع ربنا كله خير عامة، فقال لي إنه يحبني، وحبي زاد في قلبه أكثر، وقال لي ساعتها إنه سيقضي معي أربعة أيام من العمل، ويذهب إليها ثلاثة.
وبتسرع مني قلت له نسكن كلنا في بيتنا في البلد حتى لا يتركني ويسافر، وشغلي ليس كل يوم، حيث أركب أيام الشغل مع ما فيه من التعب، ففرح أكثر، وقال لي سيكون ذلك أحسن، ونجلس كلنا في بيت واحد، وتكون أختك، وكلنا سند لبعض، وقال لي قولي: أعاهد الله أنني لن أرجع في كل ما اتفقنا عليه -أي الزواج والنقل-. وللأسف ظلت بعدها نفسيتي متعبة، وأصيح باستمرار، لأنني أحس أنني خالفت ما أهواه، ووافقت على أن يتزوج عليَّ، وتمنيت من ربنا أن يذهب حزني وحيرتي، ويكتب الخير، والذي زاد القلق داخلي أنني طلبت منه أن ننتقل إلى بلده، وأحس أن حياتي انقلبت. وهو حزين على حزني، وقال لي إذا كنت لا ترين أن أتزوجها فلن أغضبك، فقلت له لن أكسر فرحتها بعد ما كلمتهم، لكنني أريد أن تعفيني من عهدي معك بالنسبة للنقل، رأفة بحالي، وأرجع في عهدي، فأعفاني.
فهل يجوز أن يعفيني؟ أم نقضت العهد؟ وهل موافقتي على زواجه خطأ، لأنها ليست ضرورة؟ وهل الأفضل أن نظل في بيتنا؟ أم ننتقل معه إلى البلد في حالة زواجه؟

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيرا على طيب خلقك، وحسن صنيعك مع زوجك، وزادك الله حرصا على الخير، ورغبة فيه، وقد كان ينبغي عليك ألا تتعجلي في التلفظ بالعهد مع الله؛ فالعهد مع الله أمره شديد، والذي يظهر لنا -والله أعلم- أنّ سؤالك زوجك إعفاءك من الاتفاق؛ هو رجوع عن الاتفاق، فيحصل به نقض العهد، وقد اختلف أهل العلم في حكم من قال: أعاهد الله أن أفعل كذا، أو لا أفعل كذا؛ ثم خالف العهد؛ فبعضهم جعله كاليمين تجب الكفارة بالحنث فيه، وبعضهم لم يره يمينا، فلم ير فيه كفارة.

جاء في الشرح الكبير للشيخ الدردير، وحاشية الدسوقي: وفي أعاهد الله لأفعلن، أو لا فعلت، قولان، أظهرهما ليس بيمين. انتهى.

فالأحوط أن تكفري كفارة يمين، وليس في موافقتك على زواج زوجك بأخرى خطأ.

وأمّا انتقالك للإقامة مع الزوجة الأخرى في بيت واحد: فهذا يرجع إليك؛ فإن كنت راضية بهذا، ولا تخشين وقوع شيء من المفاسد؛ فهو أولى؛ وإلا؛ فالأولى أن يكون بيتك بعيدا عن بيت الزوجة الأخرى؛ تجنبا لإثارة الغيرة، وما يترتب عليها من المفاسد.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وليس للرجل أن يجمع بين امرأتيه في مسكن واحد بغير رضاهما، صغيرا كان، أو كبيرا؛ لأن عليهما ضررا؛ لما بينهما من العداوة والغيرة، واجتماعهما يثير المخاصمة. انتهى.

والله أعلم.