عنوان الفتوى : حكم زواج السنية من صاحب بدعة
ما أعاني منه أرقني وأتعبني .. ورجائي بأن تساعدوني لأعرف ماذا أفعل في معضلتي هذه . أيها الشيوخ الفضلاء ... أنا أنتمي إلى عائلة محافظة على عاداتها وتقاليدها ومتمسكة بها بالأسنان والأنياب، وللأسف فإنها - أي أسرتي - من أتباع أحد المذاهب الاسلامية التي أراها أبعد ما تكون عن الدين الاسلامي القويم ونهج الرسول الكريم صلى الله عيه وسلم .. أما أنا ولله الحمد والفضل والمنة فقد هداني إلى دينه وجعلني ممن يتمنون قضاء عمرهم الباقي في الدعوة إلى الاسلام والايمان . أنا الآن أصبحت فتاة بوجهين .. في الجامعة أرتدي الحجاب والعباءة - التي سمح لي أهلي بارتدائها لأن 99 % من طالبات الجامعة يرتدين كذلك - وأنا محافظة هناك على الصلاة في موعدها بل أصبحت أحلى الفتيات اللواتي يدعون ب( بنات المسجد ) أو ( جماعة المصلى ) . أنا سعيدة جدا بذلك ولكني خارج الجامعة أكون شخصا مختلفا تماما ، فلا يرضون أهلي بارتداء الزي الاسلامي وأكون مضطرة للخروج أمام خلق الله دون حجاب ولا عباءة ، يضايقني ذلك جدا جدا .. ولا أعلم ما السبيل إلى الوقوف في صف الاسلام وحده ، وأن أحقق أمنيتي بأن أصبح من الدعاة إلى دين الله . للعلم : فأنا فتاة في الثامنة عشرة من عمري ، من إحدى الجنسيات العربية في دولة قطر ، لا أكف عن التضرع والدعاء إلى الله ، ومذهب أهلي يحرم الزواج من أبناء أي مذهب آخر . شكري العميق لكم وأتمنى التفصيل قدر الامكان بالاجابة .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله لنا ولك التوفيق لكل خير وأن يهدينا وإياك لطاعة الله رب العالمين واتباع سنة سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم.
واعلمي أنه يجب عليك طاعة والديك في كل ما يأمراك به، إلا أن يأمرا بمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وأحسني إليهم بالكلمة الطيبة، واحرصي على هدايتهم بكل الوسائل الممكنة من الكتب والمجلات النافعة وغير ذلك.
وأما بشأن الزواج فاحرصي أن يكون من ترضين به زوجا ممن يلتزم هدي السلف الصالح ويعتقد عقائد أهل الحق، فإن أراد أهلك تزويجك برجل على خلاف ما ذكرنا من الوصف فإما أن يكون ممن يعتقد عقائد فاسدة كفرية فلا يجوز القبول به زوجا، ومن العقائد الكفرية بدعة القول بخلق القرآن، وبدعة نفي صفات الله تعالى أو القول بأن الصحابة ارتدوا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا نزرا يسيرا، وهكذا القول بتحريف القرآن الكريم، ودخول النقص أو الزيادة عليه، أو القول بأن الأولياء يعلمون ما كان وما يكون ومتى يموتون وأين سيقبضون أو الطعن في أبي بكر وعائشة رضي الله عنهما مع تزكية القرآن لهما، أو القول بأن الله تعالى يحل في شيء من مخلوقاته في علي أو غيره.
وإن كان لا يعتقد شيئا من العقائد الكفرية ولديه عقائد مفسقة أو أفعال مفسقة فليس هذا الرجل الفاسق باعتقاده أو عمله بكفء للدينة العفيفة فلا يزوج وإن زوج ففي صحة هذا النكاح خلاف شهير:
فمن أهل العلم من ذهب إلى عدم صحة هذا النكاح، ومنهم من ذهب إلى صحته مع الكراهة.
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في فتح الوهاب: (فليس فاسق كفء عفيفة) وإنما يكافئها عفيف وإن لم يشتهر بالصلاح شهرتها به والمبتدع ليس كفء سنية. اهـ.
أما إن كان لا يعتقد شيئا من العقائد المكفرة ولا من العقائد المفسقة فلا مانع من الزواج به والذي ننصح به هو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض.
والله أعلم.