عنوان الفتوى : طلب الانسحاب من عقد الشراكة قبل قرار إقفال الشركة، فهل من حقه أخذ ماله كاملا قبل باقي الشركاء؟
كنت في شراكة انا وثلاثة اخرون في مصنع ملابس جاهزة، وبسبب توقف حركة البيع مؤخرا، تأخر الشريك المسئول عن ادارة المصنع عن تسليم الأرباح في مواعيدها، ومن ثم أبلغنا بأنه لن يسلم أرباحا في تلك الفترة، وبناءا عليه طلب أحد الشركاء الانفصال، وطلب من الشريك المسئول عن المصنع قيمة نصيبة من مبلغ الشراكة، فأخبره أنه سيحاول تجهيز خلال بضعة أشهر، وبعدها بيومين استقر الشريك المؤسس ومدير المصنع، استقر على انهاء المشروع وإغلاق المصنع، وأبلغ باقي الشركاء بذلك واتفق معهم على سداد مستحقاتهم على دفعات تبدأ بعد بضعة أشهر المشكلة الأن أن الشريك الذي انفصل عن الشركة قبل إغلاقها بيومين وكان سببا مباشرا في ذلك، يريد أن يأخذ أمواله قبل باقي الشركاء، بدعوي أنه انفصل شفهيا قبل قرار الإغلاق وانهاء المشروع، وباقي الشركاء يرون أن الدفعات التي تأتي من الشريك المسئول عن المصنع، يتم توزيعها بالتساوي على جميع الشركاء نرجو الإفادة، هل يتم توزيع المبلغ بالتساوي وفقا لنسبة كل شريك، أم من حق الشريك الذي انفصل أولا استلام كامل نصيبه؟ وجزاكم الله خيرا
الحمد لله.
أولا:
الشركة عقد غير لازم عند الجمهور؛ فيجوز لأحد الشركاء الخروج منها، ما لم تكن مؤقتة إلى أمد معين، أو كان المال غيرَ ناضٍّ (أي سائل)، فينتظر إلى حين التنضيض الحقيقي ببيع أصول الشركة، أو التنضيض الحكمي، بتقويمها وإعطائه نصيبه.
جاء في المعايير الشرعية، ض 184: " الأصل أن عقد المضاربة غير لازم، ويحق لأي من الطرفين فسخه إلا في حالتين لا يثبت فيهما حق الفسخ:
أ) إذا شرع المضارب في العمل، فتصبح المضاربة لازمة إلى حين التنضيض الحقيقي أو الحكمي.
ب) إذا اتفق الطرفان على تأقيت المضاربة، فلا يحق إنهاؤها قبل ذلك الوقت إلا باتفاق الطرفين" انتهى.
وجاء فيها، ص 199: "يحق لأي من الشركاء الفسخ (الانسحاب من الشركة) بعلم بقية الشركاء، وإعطاؤه نصيبه من الشركة، ولا يستلزم ذلك فسخ الشركة فيما بين الباقين.
كما يجوز أن يتعهد الشركاء، تعهداً ملزماً لهم، ببقاء الشركة مدة معينة، ويجوز في هذه الحالة الاتفاق على إنهائها قبل انتهاء مدتها ...
تنتهي الشركة بانتهاء مدتها، أو قبل ذلك باتفاق الشركاء، أو بالتنضيض الحقيقي للموجودات في حال المشاركة بصفقة معينة، كما تنتهي الشركة بالتنضيض الحكمي، ويعتبر كما لو أن الشركة القائمة قد انتهت، وبدئ بشركة جديدة، حيث إن الموجودات التي لم يتم بيعها بالتنضيض الحقيقي، وتم تقويمها بالتنضيض الحكمي: تكون قيمتها هي رأس مال للشركة الجديدة.
وإذا كانت التصفية بانتهاء المدة، فإنه يتم بيع بقية البضاعة الموجودة بالسعر المتاح في السوق. وتستخدم حصيلة تصفية الشركة على النحو الآتي:
أ- دفع تكاليف التصفية.
ب- أداء الالتزامات المالية من إجمالي موجودات الشركة.
ج- تقسيم باقي الموجودات بين الشركاء بنسبة حصة كل منهم في رأس المال، وإذا لم تكف الموجودات لاسترداد رأس المال، فإنها تقسم بينهم بالنسبة والتناسب (قسمة غرماء) " انتهى.
وجاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي بشأن التنضيض الحكمي:
" المراد بالتنضيض الحكمي: تقويم الموجودات من عروض، وديون، بقيمتها النقدية، كما لو تم فعلاً بيع العروض وتحصيل الديون، وهو بديل عن التنضيض الحقيقي، الذي يتطلب التصفية النهائية للمنشآت وأوعية الاستثمار المشتركة، كالصناديق الاستثمارية ونحوها، وبيع كل الموجودات، وتحصيل جميع الديون" انتهى.
ثانيا:
إذا طلب أحد الشركاء الخروج من الشركة، وأُمهل بضعة أشهر لإعطائه ماله، ثم قرر الشركاء بعد يومين إنهاء الشركة: فلا مزية لهذا الشريك عن غيره، بل هو أسوةٌ بهم، فيتم تصفية الشركة، وتقسيم مالها على جمع الشركاء، بنسبة حصة كل منهم في رأس المال.
وإذا لم تكف الموجودات لاسترداد رأس المال، فإنها تقسم بينهم بالنسبة والتناسب، أي قسمة غرماء، فيدخل النقص على جميعهم.
وليعلم هذا الشريك أنه في حال بقاء الشركة، لا يلزم الشركاءَ شراءُ نصيبه في الشركة، فإن وجدت سيولة نقدية وبضاعة أو أصول، فله نصيب من كل ذلك، فيعطى من السيولة بقدر حصته، ثم ينتظر حتى تُباع البضاعة أو الأصول، إذا لم يرغب الشركاء في أخذها وإعطائه قيمتها؛ أو يأخذ حقه بضاعة يتصرف هو فيها كيف يشاء.
وعليه؛ فلا وجه لأن يأخذ ماله الآن دون بقية الشركاء، بحجة أنه طلب الخروج قبل إنهائهم الشركة، بل يأخذ من السيولة بقدر حصته، ثم ينتظر كغيره من الشركاء بيع البضاعة والأصول.
والمقصود أن قرار الإنهاء لم يسلبه شيئا من حقه، ولم يعطه حقا زائدا أيضا؛ إلا إن كان يظن أن الشركاء كانوا ملزمين بإعطائه ماله، حتى لو لم تبع البضاعة أو الأصول، وقد بينا غلط هذا الظن.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |