عنوان الفتوى : حكم الإقراض بفائدة لحفر بئر
هل يجوز شرعا أن أدفع مبلغا ماليا لأخي، وبعد عام يسدد المبلغ ومعه فائدة، والغاية في الظاهر إرجاع مبلغ مع فائدة، وغايتي في الباطن أن أقوم بحفر بئر عميق بالمبلغ كاملا، لفائدة عامة تشملني، وأخي، وأختي، وزوجة والدي -رحمه الله- علما أنه سبق أن اتفقنا على حفر البئر مع بعضنا، إلا أن مغريات الحياة جعلته يتراجع، وتسبب لي بضرر مادي، ولم أجد إلا هذا الحل معه، على أساس أن المبلغ الذي سأدفعه له حصلت عليه من البنك، وعندما يسدد المبلغ يتحمل نسبة الفائدة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فغاية حفر بئر ينتفع به الجميع لا تبرر اقتراف إثم القرض الربوي! فلا يجوز الاقتراض من البنك بفائدة ربوية، ولا إقراض أخيك بفائدة ربوية! فإن الربا من كبائر الذنوب، بل من السبع الموبقات، ومن موجبات اللعنة، وهو الذنب الذي سماه الله حربا له ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وحرمته ثابتة بالكتاب، والسنة، والإجماع، واشتراط زيادة على مبلغ القرض من الربا المحرم، بإجماع أهل العلم.
قال ابن قدامة في المغني: كل قرض شرط فيه أن يزيده، فهو حرام، بغير خلاف، قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة، أو هدية، فأسلف على ذلك، أن أخذ الزيادة على ذلك ربا- وقد روي عن أبي بن كعب، وابن عباس، وابن مسعود، أنهم نهوا عن قرض جر منفعة، ولأنه عقد إرفاق، وقربة، فإذا شرط فيه الزيادة أخرجه عن موضوعه. اهـ.
وقال ابن حزم في المحلى: لا يحل أن يشترط ردا أكثر مما أخذ، ولا أقل، وهو ربا مفسوخ... ولا خلاف في بطلان هذه الشروط التي ذكرنا في القرض. اهـ.
وقال ابن عبد البر في الاستذكار: كل زيادة من عين، أو منفعة يشترطها المسلف على المستسلف فهي ربا، لا خلاف في ذلك. اهـ.
وقال أيضا: لا أعلم خلافا فيمن اشترط للزيادة في السلف أنه ربا حرام، لا يحل أكله. اهـ.
وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: الدراهم لا تقصد عينها، فإعادة المقترض نظيرها كما يعيد المضارب نظيرها - وهو رأس المال - ولهذا سمي قرضا، ولهذا لم يستحق المقرض إلا نظير ماله، وليس له أن يشترط الزيادة عليه في جميع الأموال، باتفاق العلماء. اهـ.
والله أعلم.