عنوان الفتوى : ما حكم من مسح على الجوربين أكثر من يوم وليلة تقليدا؟
أنا سابقًا كنت أمسح على الجوربين، من الصوف، والقطن، ومثل ذلك، لأكثر من يوم وليلة؛ لأنني أخذت بقول المالكية في أنه لا حد للمسح، لأنني كنت موسوسة في نية الوضوء وبعض الاعضاء، ولكن لست موسوسة في غسل القدمين، ولكن أخذت بقولهم هذا لأقلل مدة الوضوء، فأنا أستغرق وقتًا فيه، وأيضًا موسوسة في الصلاة، فهل يجوز لي ذلك؟ فقد علمت أن اشتراط المسح عند المالكية أن يكون الخف والجورب من الجلد، علمًا بأنني مؤخرًا أصبحت لا أمسح إلا في يوم وليلة.
الحمد لله.
أولا :
اختلف العلماء في جواز المسح على الجوربين، فمنعه أكثرهم، وأجازه آخرون.
ثم .. الذين أجازوه: اشترط أكثرهم أن يكون الجورب ساترا للقدم ، وأن يكون صفيقا (ثقيلا) لا ينفذ الماء منه إلى الرجلين.
وورد عن بعض الصحابة والسلف ، كعمر بن الخطاب وابنه عبد الله رضي الله عنهما أنهما لم يشترطا ذلك ، وأجازا المسح على الجورب الرقيق .
وأخذ بقولهم أهل الظاهر ، وبعض العلماء المعاصرين ، كالشيخين الألباني وابن عثيمين رحمهما الله ، وينظر لبيان هذا جواب السؤال رقم: (228222) .
وليس في المسألة نص عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو اجتهاد من العلماء في الشروط المعتبرة للمسح على كلٍّ من الخفين والجوربين .
وما دامت المسألة اجتهادية ، ولا نص فيها ، فمن قلد عالما فيما ذهب إليه فلا حرج عليه .
ثانيا :
جاءت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم تحدد مدة المسح بيوم وليلة (24 ساعة) للمقيم ، وثلاثة أيام بلياليها (72 ساعة) للمسافر .
منها ما رواه مسلم (276) عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ : أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، فَقَالَتْ : عَلَيْكَ بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ فَسَلْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ : ( جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ ) . وهناك أحاديث أخرى وردت بهذا التحديد أيضًا سبق ، بيان بعضها في جواب السؤال رقم (69829 ).
وإذا ثبت النص عن النبي صلى الله عليه وسلم: وجب العمل به، ولا يجوز لأحد أن يقلد أحدا فيما خالف السنة، بعد وضوحها وبيانها عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يعارض هذا.
وما رواه أبو داود عن ابن أبي عمارة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن له أن يمسح أكثر من يوم وليلة وهو مقيم ، فهو حديث ضعيف ، ضعفه الأئمة البخاري وأحمد والدارقطني ، وأبو داود .
وعلى هذا ؛ فالواجب عليك الآن، إن مسحت على الجوربين: أن تقتصري على يوم وليلة إذا كنت مقيمة .
وما سبق من الصلوات:
إن كانت محصورة معلومة، فالأحوط لك أن تقضيها.
وإن لم تكن معلومة لك؛ فنرجو أن لا يكون عليك حرج فيها ، ولا يلزمك قضاؤها.
وينظر جواب السؤال رقم: (45648) للفائدة.
والله أعلم.