عنوان الفتوى : لا يضر الابنَ غضبُ أمِّه عليه إن كان بغير حق
كانت علاقتي بوالدتي ممتازة، ولله الحمد، لكن بعد زواجي تغيرت تغيرا جذريا حتى بات البرود عنوانها. وقد حاولت مرارا طيلة ثلاث سنوات من زواجي، لكن الفشل هو العنوان. وقد أرجعت ذلك إلى أنني كنت قريبا جدا منها قبل الزواج، وكنت متكفلا بتسيير المنزل في غياب الأب عنا، وغياب إخوتي لظروف العمل. وصادف زواجي تقاعده؛ فاختلف التسيير بعد عودته لأبي، وظهر الفشل تلو الآخر في بيت والدي.
أمي تريد مني الدخول في صراع مع أبي من أجل تسيير البيت، وأنا مستقل ببيتي، وزوجتي منقبة، وأخي يسكن مع والدي. اجتمعت كل هذه الظروف وظروف أمية أمي وأبي وعدم معرفتهما بالدين، لتجعل أمي تتغير عليَّ كثيرا. حاولت كثيرا ومن جميع الجهات حتى إن الأمر أثر عليَّ ولم أعد أطيقه.
فهل عليَّ ذنب إن استنفدت كل المحاولات ولم أنجح؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحق الوالدين على ولدهما عظيم، وبرهما وطاعتهما في المعروف من أوجب الواجبات، وحقّ الأمّ آكد والوصية بها أعظم.
فالواجب عليك أن تبرَّ والديك، وتحسن إليهما، ولا يجوز لك أن تسيء إليهما أو تقطعهما، وعليك طاعتهما في المعروف.
فإذا أمرتك أمك بأمر ليس فيه معصية لله، ولها فيه غرض صحيح، وليس عليك مضرة فيه؛ فالواجب عليك طاعتها فيه ولو وجدت فيه مشقة.
قال ابن تيمية -رحمه الله-: وَيَلْزَمُ الْإِنْسَانَ طَاعَةُ وَالِدِيهِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ ... وَهَذَا فِيمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا وَلَا ضَرَرَ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَضُرَّهُ وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا. انتهى من الفتاوى الكبرى.
وعليك صلتها، والتودد إليها بما تقدر عليه ولا يضرك، فبر الوالدين ليس له في الشرع حد مقدر أو صفة معينة، ولكنه باب واسع يشمل ضروب الإحسان.
جاء في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب: وَالْمَعْنَى الْجَامِعُ إيصَالُ مَا أَمْكَنَ مِنْ الْخَيْرِ، وَدَفْعُ مَا أَمْكَنَ مِنْ الشَّرِّ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ. انتهى.
فإذا فعلت ما تقدر عليه تجاه أمّك؛ فلا يضرك بعد ذلك تغيرها عليك، أو غضبها منك، ما دام بغير حقّ. وراجع الفتوى: 338539
والله أعلم.