عنوان الفتوى : دعت على والدها بالموت فمات فهل لها نصيب من تركته؟
دعوت على والدي دعوة تسببت في وفاته. فهل لي نصيب من الإرث الذي تركه أم لا؟ لأن هذا المال ترتب على فعل محرم، وهو الدعاء على الوالد الذي تسبب في وفاته.
علما بأنه قبل وفاته في مرضه الذي مات بعده -والذي كان السبب فيه دعائي عليه- كان يعلم أنني دعوت عليه، وسأتسبب في وفاته قريبا؛ فدعا عليَّ أن يكون المال الذي تركه جحيما عليَّ يوم القيامة إن أنا انتفعت بأي شيء منه، وأن تقطع يدي كذلك.
لقد خفت كثيرا من دعواته تلك، وأخشى أن أنتفع بأي شيء من تركته؛ فتصيبني دعواته تلك في الدنيا والآخرة.
والسؤال هو: هل لي نصيب من تركته؟ وهل قد تتحقق دعواته تلك فيَّ؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن دعاءك على أبيك عقوق يستوجب التوبة إلى الله تعالى، فالوالد حقه البر والإحسان لا الدعاء عليه، مهما أساء إلى ولده، فما أقبح صنيعك.
ومع ذلك فإن باب التوبة مفتوح أمام كل الذنوب.
وأما الميراث؛ فموانع الإرث ثلاثة وهي: الرق، والقتل، واختلاف الدين، كما قال صاحب الرحبية:
وَيَمْنَعُ الشَّخْصَ مِنَ المِيرَاثِ وَاحِدَةٌ مِنْ عِلَلٍ ثَلَاثِ
رِقٌّ وَقَتْلٌ وَاخْتِلَافُ دِينِ فَافْهَمْ فَلَيْسَ الشَّكُّ كَالْيَقِينِ.
وليس العقوق مانعا من موانع الإرث، وليس داخلا أيضا في حد القتل الذي يُمنع بسببه القاتل من الميراث، بمعنى لو فُرِضَ أنه مات بسبب دعائك عليه -وهذا لا يمكن الجزم به-؛ فإن هذا لا يجعلك شرعا قاتلة له، إذ لا يترتب عليه قصاص، ولا دية، ولا شيء، فليس هذا مانعا من موانع الإرث.
وأما هل يستجاب دعاء والدك عليك؟ فهذا أمر غيبي، فقد يستجاب دعاؤه عليك إن كان دعا عليك بحق لكونك ظلمتِه أو عققتِه، لا سيما وأن دعاء الوالد على ولده العاق مظنة الإجابة، كما في الحديث: ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لاَ شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ. رواه أحمد والترمذي وغيرهما.
قال المناوي في التيسير شرح الجامع الصغير: مَا ذكر فِي الْوَالِد مَحَله فِي وَالِد ساخط على وَلَده لنَحْو عقوق. اهــ.
وقد لا يستجاب دعاؤه عليك إن كان بغير حق، إذ ليس من حقه أن يمنعك من الميراث، ومن شروط إجابة الدعاء أن لا يكون بإثم، كما في الحديث: لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ. رواه مسلم.
والذي نوصيك به هو الإكثار من الاستغفار للوالد، والدعاء له، والصدقة عنه لعلك أن تدركي شيئا مما فاتك من بره في حياته.
وانظري للأهمية الفتوى: 414712، والفتوى: 149931.
والله أعلم.