عنوان الفتوى : هل تأخير الصلاة للوقت الضروري كتَركها حتى يَخرج وقتها؟
هل تأخير الصلاة إلى وقت الضرورة دون عذر من الكبائر؟ وهل يعتبر كترك الصلاة حتى يخرج وقتها؟ أم من الصغائر؟
فمثلا: شخص أخَّر العصر إلى اصفرار الشمس، أو العشاء إلى ما بعد منتصف الليل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أخّر الصلاة لغير عذر حتى أوقعها في وقتها الضروري، فإنه آثم، كما سبق في الفتوى: 282700
وبالرغم من الإثم المترتب على أداء الصلاة في وقتها الضروري لغير عذر، فإنه لا يصل إلى إثم تارك الصلاة بالكلية، ولا يعتبر من الكبائر، كما يظهر من كلام بعض أهل العلم، وإنما إخراج الصلاة عن وقتها بالكلية هو الذي يعتبر كبيرة.
قال ابن حجر الهيتمي في كتابه الزواجر: الكبيرة السابعة والسبعون: تعمد تأخير الصلاة عن وقتها، أو تقديمها عليه من غير عذر كسفر، أو مرض، على القول بجواز الجمع به، قال تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا {مريم: 59} إلا من تاب {مريم: 60}.
قال ابن مسعود: ليس معنى أضاعوها: تركوها بالكلية، ولكن أخروها عن أوقاتها، وقال سعيد بن المسيب إمام التابعين: هو أن لا يصلي الظهر حتى تأتي العصر، ولا يصلي العصر إلى المغرب، ولا يصلي المغرب إلى العشاء، ولا يصلي العشاء إلى الفجر، ولا يصلي الفجر إلى طلوع الشمس، فمن مات وهو مصر على هذه الحالة، ولم يتب، أوعده الله بغي، وهو واد في جهنم، بعيد قعره، شديد عقابه. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة: فمن فوَّت صلاة واحدة عمدا، فقد أتى كبيرة عظيمة، فليستدرك بما أمكن من توبة، وأعمال صالحة، ولو قضاها لم يكن مجرد القضاء رافعا إثم ما فعل، بإجماع المسلمين. اهـ.
وقال ابن القيم في كتاب الصلاة: قوله: وليس ترك الصلاة حتى يخرج وقتها عمدا مذكورا عند الجمهور في الكبائر؟ فيقال يا لله العجب، وهل تقبل هذا المسألة نزاعا؟ وهل ذلك إلا من أعظم الكبائر؟ وقد جعل رسول الله تفويت صلاة العصر محبطا للعمل، فأي كبيرة تقوى على إحباط العمل سوى تفويت الصلاة؟ وقد قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه: الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر- ولم يخالفه صحابي واحد في ذلك، بل الآثار الثابتة عن الصحابة كلها توافق ذلك، هذا والجامع بين الصلاتين قد صلاهما في وقت إحداهما للعذر، فماذا نقول فيمن صلى الصبح في وقت الضحى عمدا وعدوانا، والعصر نصف الليل من غير عذر؟. اهـ.
والله أعلم.