عنوان الفتوى : زكاة تراب المعادن الذي تشتريه شركات التعدين

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

توجد مجموعة من المنقبين تذهب إلى بعض الصحاري، وتختار منها بعض الحجارة، وتأتي بها إلى مركز معالجة بدائي، فيخرج منها نسبة تتضارب فيها الأقوال، حيث يقول بعض المطلعين عليها إنها نسبة: 30%، ويقول بعضهم إنها نسبة: 70%، وهو الراجح، لأنهم في بعض الأحيان يأتون بخشات وزنها: 70 أو: 80 كيلو، ومنها يتم استخراج: 2 أو 1.5 جراما، بينما إذا تمت إعادة المعالجة لتلك البقايا بوسائل، وتقنيات متقدمة يتم استخراج: 2 أو 3 أو 4 جرامات من: 1000 كيلو، ومحل السؤال هو التربة التي تبقى بعد المعالجة البدائية الأولى، حيث تشتريها شركات تعدين، وتقوم بنقلها إلى مصانع مكلفة جدا، بسبب مدخلات الإنتاج، حيث يقوم بشراء بعض المواد الكيماوية باهظة التكلفة، وآلات من الحديد، وطواحن تتآكل مع مرور الزمن، هذا مع المولدات الكهربائية التي تستهلك الوقود الكثير، بالإضافة إلى تكاليف العمال من رواتب، وإعاشة، وتكاليف صيانة المعدات التي يتشغل بها المصنع، وتسديد أقساط القروض الممولة للمصنع، فهل تجب الزكاة على شركات التعدين هذه بمجرد تصفية الذهب من التربة المشار إليها، ولكيفية معالجتها أعلاه، احتسابا لكل الكمية المنتجة آنيا دون النظر إلى ما تملكه الشركة من ذلك المنتج؟ أم لا تجب فيها الزكاة إلا بدوران الحول كالتجارة في اعتبار التكاليف، والالتزامات التي تقع على عاتقها، دون أن يخفى أنه إذا أخرجت الزكاة من المنتج فورا، وتم إخراجها مرة أخرى بعد دوران الحول، فإنه تكون بذلك قد أخرجت مرتين، وإن اكتفي بإخراجها من المنتج أولا بأول دون إخراجها بعد دوران الحول يكون قد ترك جزءا من المال لم تخرج منه الزكاة، وأيضا إخراجها من المنتج كاملا وهي لا تملكه كله -لأن جزءا كبيرا منه سيذهب بعد بيعه لتغطية كل تلك التكاليف والالتزامات المشار إليها أعلاه- فبذلك تكون قد أخرجت زكاة مال لا تملكه ولم يستقر في ذمتها؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فبالنسبة لشراء الشركات لتراب المعدن نقول أولا: إن الفقهاء اختلفوا أصلا في شراء تراب المعدن، فمنع منه الشافعية مطلقا، للجهالة بقدر المعدن الموجود في التراب، وعند المالكية، والحنابلة يجوز بيعه بغير جنسه، ولا يجوز بجنسه، جاء في التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس لمؤلفه ابن الجلاب: ولا بأس بشراء تراب المعدن من الذهب، والورق بغير جنسه، ولا يجوز شراؤه بشيء من جنسه. انتهى.

وفي الشرح الكبير للشيخ أحمد الدردير على مختصر خليل المالكي: لَا يَمْنَعُ بَيْعُ تُرَابِ مَعْدِنِ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ بِغَيْرِ صِنْفِهِ، وَأمَّا بِهِ فَيُمْنَعُ، لِلشَّكِّ فِي التَّمَاثُلِ.

وفي المغني لابن قدامة الحنبلي: وَيَجُوزُ بَيْعُ تُرَابِ الْمَعْدِنِ، وَالصَّاغَةِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ... انتهى.

وعلى جواز بيع تراب المعدن بغير جنسه، فالذي يظهر أن شركات التعدين المذكورة تزكي تراب المعادن هذا زكاة عروض التجارة، لأنها تعتبر اشترت عرضا لتتربح منه، فيكون حوله حول المال الذي اشترته به، وكما هو معلوم: فإن زكاة عروض التجارة يختلف حكمها عن حكم زكاة المعدن، إذ يشترط لزكاتها حولان الحول على رأس المال الذي اشتريت به، وتزكى حسب قيمتها، لا عينها، وتضم جميع أنواعها، وأجناسها -أي كل ما يعده التاجر للتجارة يضم- ويزكى كمال واحد، بخلاف زكاة المعدن فلا يشترط لها حول، ولا يضم غير المعدن له في الزكاة من أموال أخر، والزكاة في الذهب نفسه لا في قيمته.

قال ابن هبيرة في كتابه اختلاف الأئمة العلماء: وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا يعْتَبر الْحول فِي زَكَاة الْمَعْدن إِلَّا فِي أحد قولي الشَّافِعِي أَنه يعْتَبر فِيهِ الْحول. اهــ.

وقال ابن قدامة في المغني: وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ حِينَ يَتَنَاوَلُهُ، وَيَكْمُلُ نِصَابُهُ، وَلَا يُعْتَبَرُ لَهُ حَوْلٌ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا شَيْءَ فِي الْمَعْدِنِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ ـ وَلَنَا، أَنَّهُ مَالٌ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْأَرْضِ، فَلَا يُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ حَقِّهِ حَوْلٌ، كَالزَّرْعِ، وَالثِّمَارِ، وَالرِّكَازِ. اهــ.

وإذا تقرر أن زكاة شركات التعدين لما اشترته من تراب المعدن تأخذ حكم زكاة عروض التجارة، فتزكى كل سنة حسب القيمة، فلا داعي للتعليق على ما افترضه السائل، وفرع عليه مما يتعلق بزكاة المعدن، وليس واردا على زكاة عروض التجارة، وللفائدة تراجع الفتويان: 99948 160703.

والله أعلم.