عنوان الفتوى : حكم الاقتراض بالربا لإعانة الوالدين والإخوة
أنا من بلد عربي، مقيم في دولة أوروبية، لدي والدي ووالدتي كبار في السن، وإخوتي في بلدنا الأصلي، وإخوتي متزوجون، ولديهم عائلاتهم.. وقد صعبت عليهم سبل العيش، لأن والدي وبعض إخوتي لا يوجد لديهم دخل شهري، ولا عمل يدر عليهم المال بسبب ظروف البلاد الصعبة، وعدم توفر العمل، وهم بحاجة للطعام واللباس والعلاج والتدفئة في الشتاء، وغير ذلك من أساسيات الحياة.
والدتي وبعض أولاد إخوتي بحاجة للعلاج أيضًا، وعدد إخوتي 6، الذكور خمسة متزوجون، ولديهم أطفال، والأخ السادس قد تخطى الثلاثين، وليس باستطاعته تأمين عمل، أو تفكير بالزواج.
ولدي 4 أخوات أيضًا بحاجة لمن يساعدهن في تأمين حاجياتهن.
والسؤال: هل يجوز أن أسحب قرضًا من البنك، وأرسله إلى والدي وإخوتي حتى يستطيعوا أن يفتحوا مشروعًا صغيرًا يعينهم في حياتهم وفي حاجياتهم؟
مع العلم أنني الآن وسابقًا ولاحقًا، -والعلم عند الله- لا أستطيع أن أقدم المساعدة المالية الكافية لهم من دخلي الخاص، فأنا أرسل لهم شهريًا ما يقدرني الله عليه، حتى يوفروا حاجياتهم الأساسية، ولا أستطيع أن أساعد إخوتي؛ لأنهم كثر، وإذا استطعت في بعض الأحيان، فيمكنني أن أساعد أخًا واحدًا فقط، بما يسد رمقه، ولا يمكنني مساعدة البقية، وأنا لدي زوجة وأطفال، وأحاول جاهدًا أن أقتصد، لأوفر بعض المال كي أرسله لوالدي، ولكن صعب علي الأمر.
جزاكم الله كل خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاقتراض بالربا من كبائر المحرمات؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.... } [البقرة: 278، 279].
ولما روى مسلم في صحيحه عَنْ جَابِرٍ-رضي الله عنه- قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ.
وعليه؛ فلا يجوز لك الاقتراض بالربا من أجل إعانة والديك وإخوتك، وراجع حد الضرورة المبيحة للاقتراض بالربا في الفتاوى: 198199
وما دمت تقدر على توفير ضرورات والديك المعيشية وما تيسر من إعانة إخوتك؛ فقد أديت ما عليك، ولا يكلف الله نفسًا إلا ما آتاها، واجتهد في حث إخوتك على السعي في أسباب الكسب الحلال، والاستعانة بالله، وكثرة الاستغفار، ومن كان حريصاً على مرضاة الله واجتناب سخطه، وكان متوكلاً على الله؛ فسوف يرزقه رزقاً طيباً، ويكفيه ما أهمّه، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 2ـ3}
والله أعلم.