عنوان الفتوى : ما حكم البقاء في قروبات الواتس العائلية لتضمنها بعض المخالفات؟
نحن لدينا قروب للعائلة في الواتساب، يتم فيه نشر أخبار العائلة، حيث كل عائلة تعيش في دولة مختلفة، ويتم نشر صور العائلة، وأخبارهم، وهذه الأمور، ولكن للاسف في كل يوم مولد نبوي ينشرون أشياء، مثلا بمناسبة المولد كل عام وأنتم بخير، ويتم نشر بعض المحرمات أحيانا، مثلا: مقاطع يوجد بها موسيقى، أو صور نساء، أو بعض أفراد العائلة وهم يحتفلون بعيد الميلاد مثلا، وأنكرت عليهم من قبل، لكنهم لم يقبلوها، واستمروا فيما هم فيه. فهل يجب علي أن أخرج من هذه المجموعة؟ وهل يعتبر هذا مجلس منكر، والذي كما ذكر في القرآن إنه يجب أن أخرج منه، وإلا اعتبرت معهم، أو في منكرهم هذا، مع العلم إني لو خرجت لا أعتبر قطعتهم؛ لأنني أتواصل معهم بشكل شبه أسبوعي، وأسلم واطمأن عليهم؟ وأما بالنسبة لأخبارهم فيمكنني أن أسألهم بنفسي عندما اتكلم معاهم,، أوأسأل أهلي الذين هم معي في نفس البيت، ولكن لم يخرجوا من القروب، مع العلم إن بعض إخوتي خرجوا من القروب مسبقا؛ بسبب هذه الأمور، وقابلتهم العائلة بغضب، وإنكار بحجة أنه: فقط تجاهل المنكرات، ولا تنظر أو ما شابه، ولن يحدث لك شيء، وبخروجك من القروب تعتبر قاطعا، وأكرر مع العلم أننا نتكلم معاهم بشكل شبه أسبوعي، لا توجد أي قطيعة مجرد تعظيم للقروب.
الحمد لله.
الظاهر من سؤالك أن هذا القروب أصله للتواصل والسؤال عن الحال، وتبادل أخباركم الاجتماعية.
وما يحصل فيه من نشر بعض المخالفات فينظر، هل هي الأغلب السائد؟ أم إنها شيء عارض؟
فإن كان عارضاً وليس أصلاً، ولا من أجله تم إنشاء القروب -وهو الظاهر- فإن بقاءك أفضل من خروجك، لأسباب:
أولاً:
أنك لا تقرهم على المخالفات ، بل تبين لهم. وهذا بحد ذاته مقصد هام من وجودك، وإذا لم يتمكن الإنسان من إزالة المنكر، فلا أقل من تخفيف الشر، وما لا يدرك كله لا يترك جله، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
ثانياً:
وجودك بالقروب يمكّنك من نشر المقاطع والأشياء الهادفة المؤثرة بين الفينة والأخرى، فالنفوس لها إقبال وإدبار، فتقع في نفوس بعضهم موقعاً ينتفع به. وليكن من غير إكثار في النصح والتذكير ، فهذا مما ينفر ويزيد تعقيد الأمور، وينبغي أن تختار الأساليب غير المباشرة، وحالات الاستعداد النفسي لديهم، فعن ابن مسعود قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام ، كراهة السآمة علينا) رواه البخاري (68).
قال الخطابي رحمه الله: "قوله: (يتخولنا) ، معناه : يتعهدنا، أي : يراعي الأوقات في موعظته، ويتحرى منها ما يكون مظنة القبول" انتهى من "أعلام الحديث-شرح صحيح البخاري-" (1/ 194).
ولا توجه مقاطعك وحديثك في مواجهة ما ترى من مخالفات؛ بل لتكن مبادرة منك فيما يستميل قلوبهم من الخير والتذكير.
ثالثاً:
بقاؤك يحقق لك القدرة على الإحسان إليهم بالسؤال عن أحوالهم والتلطف بالحديث معهم، فإنّ معالجة مثل هذه الحالات يحتاج إلى صبر وحكمة، فيكون الإحسان إليهم والقرب منهم طريقك إلى قلوبهم لقبول ما تقول، فالإحسان يمنحك فرصة كبيرة لترشيد الوضع الخاطئ، فالإحسان فهو مفتاح القلوب، وهذا ما مكّن يوسف عليه السلام من أن يكون مرجعية لمن كان معه في السجن، حيث عللوا ذلك بقولهم: (إنا نراك من المحسنين). هذا من أفضل المدخل لتغيير الآخرين والارتقاء بهم.
رابعا :
وأما كون هذا القروب مجلس معصية ، فلا يظهر لنا ذلك، بحسب ما وصفته؛ فإن الأصل فيه أنه أنشئ من أجل التواصل بين أفراد العائلة ، ثم إن وَجدتَ فيه منشورا فيه معصية فلا تلتفت إليه ، وتجاوزه ، فهذا بمنزلة مفارقة مكان المعصية ، ويمكنك التواصل على الخاص بمن ينشر مقاطع فيها مخالفات شرعية ، فإن النصح سرا أقرب للقبول من النصح علانية .
ثم .. إن كثرت المنكرات ، ورأيت أنهم لا يستجيبون لنصحك ، وخشيت على نفسك من تلك المنكرات ، فالأسلم لك حينئذ أن تخرج من القروب ، مع بقاء التواصل معهم .
والله أعلم
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |