عنوان الفتوى : حكم عبارة: بحول الله وقوته، وعبارة: وحول الله
لقد وجدت أناسا يقولون: بحول الله وقوته ـ فعجبت لهذا القول، لأنه قيل لي إنه حرام أن أقول: يا حول الله، وأعتقد أنها تشبه بحول الله، وعندما بحثت عنها وجدت أشياء غريبة، أناس يقولون بحول الله وقوته أقوم وأقعد في السجود والركوع، ولا يستشهدون بالسنة، بل يستشهدون بأقوال شيوخ لم أسمع عنهم من قبل، فأنا تائهة جدا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك لم تذكري سؤالا، وعلى أي حال، فعبارة: بحول الله وقوته ـ لا حرج في قولها، وقد كثر عند العلماء ذكرها منهم ابن عبد البر، وابن حزم، والقرطبي، وابن تيمية، وابن كثير، وابن القيم، وغيرهم من فقهاء المذاهب، ولم نعلم من أنكرها.
قال ابن الملقن في التوضيح لشرح الجامع الصحيح -29/ 378: معنى: لا حول ولا قوة إلا بالله: لا حول عن معاصي الله إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بالله، قال - عليه السلام: كذلك أخبرني جبريل عن الله ـ وعن علي رضي الله عنه: إنا لا نملك مع الله شيئا، ولا نملك من دونه شيئا، ولا نملك إلا ما ملكنا مما هو أملك به منا، وحكى أهل اللغة أن معنى لا حول: لا حيلة، يقال: ما للرجل حيلة، ولا حول، ولا احتيال، ولا محتال، ولا محالة، ولا محال. اهـ.
ومعنى بحول الله: بقدرته، أو بصرفه الآفات التي تحول دون المراد، قال الملا علي قارئ في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح -2/ 817- عند شرحه لحديث: سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره، بحوله وقوته ـ قال رحمه الله: بحوله ـ أي: بصرفه الآفات عنهما: وقوته ـ أي: وقدرته بالثبات والإعانة عليهما... اهـ.
وقال الشيخ محمد محمود خطاب السبكي -رحمه الله تعالى- في المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود -8/ 37: قوله: وشق سمعه وبصره الخ ـ أي فتح موضع سمعه وبصره بحوله وقوته، أي بقدرته، فعطف قوته على ما قبله عطف تفسير. اهـ.
وأما عبارة: يا حول الله ـ فلا تشرع إن كان المقصود بها دعاء حول الله تعالى، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه: الرد على البكري: إن مسألة الله بأسمائه، وصفاته، وكلماته جائز مشروع، كما جاءت به الأحاديث، وأما دعاء صفاته وكلماته فكفر، باتفاق المسلمين، فهل يقول مسلم: يا كلام الله اغفر لي، وارحمني، وأغثني، أو أعني، أو يا علم الله، أو يا قدرة الله، أو يا عزة الله، أو يا عظمة الله، ونحو ذلك، أو سمع من مسلم، أو كافر أنه دعا لذلك من صفات الله وصفات غيره، أو يطلب من الصفة جلب منفعة، أو دفع مضرة، أو إعانة، أو نصرا، أو إغاثة، أو غير ذلك. اهـ
وأما إن كان المقصود من قول: يا حول الله- الاستغاثة بالله تعالى، وطلب القوة منه، فلا حرج في ذلك.
وأما عبارة: بحول الله وقوته أقوم وأقعد في السجود والركوع ـ فقول ذلك في الصلاة باللسان غير مشروع، ولم نجده إلا في بعض مراجع المبتدعة الذين لا يوثق بكلامهم، فلا تلتفتي لذلك، والعبد مطالب باتباع هدي النبي لا سيما في الصلاة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:.. وصلوا كما رأيتموني أصلي، رواه البخاري عن مالك بن الحويرث.
والله أعلم.