عنوان الفتوى : النهي عن الدعاء بالبلاء
أحيانا عندما أدعو الله في شيء، ويكون في غاية الأهمية بنسبة لي، فإنني قد أضحي بشيء مقابله.. حيث أدعو الله أن يبتليني في شيء مقابل ما أدعو به، كأن أدعو الله أن يجعلني أرسب في امتحاني، أو عامي، مقابل الغاية التي أريدها، فهل هذا جائز؟ وهل يوجد دليل على تحريمه، لكونه يعتبر تجارة في الدعاء؟ أم يعتبر طمعا من العبد في الله عز وجل؟ وهل هناك سبب آخر للتحريم؟
وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن الدعاء على النفس، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يُسأل فيها عطاء فيستجاب لكم. رواه أبو داود.
وقال صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون. رواه مسلم.
وهذا النهي حمله أهل العلم على الكراهة، فقد جاء في حاشية الجمل على شرح منهج الطلاب: يكره الدعاء على النفس، والرقيق، والمال، والخادم، والولد، ويحرم الأذى لهم بلا سبب... اهـ.
وجاء في حاشية الشرواني على التحفة: يكره للإنسان أن يدعو على ولده، أو نفسه، أو ماله، أو خدمه، لخبر مسلم في آخر كتابه، وأبي داود، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب له. اهـ.
وقد كان الأولى بك أن تعزم على الله تعالى وتدعوه بحسن ظن، موقنا بالإجابة، ففي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت، ولكن ليعزم المسألة، وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه.
قال ابن بطال: في الحديث أنه ينبغي للداعي أن يجتهد في الدعاء، ويكون على رجاء الإجابة، ولا يقنط من الرحمة، فإنه يدعو كريما، وقال ابن عيينة: لا يمنعن أحدا الدعاء ما يعلم في نفسه ــ يعني من التقصير ـــ فإن الله قد أجاب دعاء شر خلقه وهو إبليس حين قال: رب أنظرني إلى يوم يبعثون ـ وقال الداودي: معنى قوله: ليعزم المسألة ـ أن يجتهد ويلح، ولا يقل: إن شئت، كالمستثني، ولكن دعاء البائس الفقير.... اهـــ.
ولم تبين لنا في السؤال ما الذي يحملك على أن تدعو على نفسك مقابل دعائك بحصول شيء؟ هل تعتقد أنه لا يستجاب لك ما لم تصب بمصيبة؟ -وهذا اعتقاد فاسد- أو ماذا؟
وعلى كل، قد بينا لك ما يلزم من حسن الظن بالله، واجتناب الدعاء على النفس، فخذ بأسباب الإجابة كطيب المطعم، والإلحاح في الدعاء، وتحين أوقات الإجابة: كثلث الليل الآخر، وبين الأذان والإقامة، وهكذا.
والله أعلم.