عنوان الفتوى : تعلق قلبه بفتاة ويريد الزواج منها

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

أنا شاب أصلي وأحفظ القرآن ولله الحمد ، لكن تعرفت على فتاة عن طريق الهاتف ، وبدأت علاقتنا بالهاتف ، ثم تقابلنا ولم يحصل بيننا أي منكر ولله الحمد ، ثم نصحتها بالمحافظة على الصلاة وحفظ القران وترك الأغاني ، وأن تكون علاقتنا مبدؤها حب الله عز وجل أولا ثم رسوله محمد عليه السلام ثم المحبة بيننا ، وجدت منها استجابة ، وواظبت على الصلوات ، وقراءة القرآن ، وترك الأغاني ، ثم قطعنا علاقتنا بالهاتف ، وقالت : هي تنتظرني إن شاء الله ، وأنا الآن متردد : هل أُقدِم على الزواج منها ، رغم ما نسمع عن الأثر السيء لمثل هذه العلاقات ، على استقرار الحياة الزوجية فيما بعد ؟ ، أو أقطع علاقتي بها تماماً ، مع تعلق قلبي بها ، ومع أننا اتفقنا على أن نسير في حياتنا على ما يرضي الله تعالى ، وقد عزمنا على أن نبدأها بزيارة بيت الله الحرام إذا تم زواجنا إن شاء الله ؟ .

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله.

لا يزال الناس يُحْدِثون ، ويُحْدث لهم الشيطان ، ولا يزال الشيطان يزين للناس أعمالهم ، ويأتي كل واحد من مداخله التي يسهل عليه أمرها ، فالكسلان يأتيه من باب التفريط ، وصاحب الهمة يأتيه من باب التنطع والتشديد ، ولا يزال الناس منه في بلية ، وتلك سنة الله في خلقه .

وهكذا العلاقات بين الناس ، لاسيما ما يكون منها بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه ، فإن اللعين يزين لطالب الجمال من أوقعه في حبالها ، حتى تكون في عينه أجمل النساء ، ولربما كانت من أدناهن حظاً في الجمال ، وهكذا المصلي ، حافظ القرآن ، إن عز على الشيطان أن يوقعه في حبائل النساء بالعلاقات المحرمة ، لصيانته لدينه ، وأنفته من أن يشابه الفساق ، فإنه يأتيه من باب الحب في الله ، والعلاقات الإسلامية الأخوية ، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، وهكذا يكون الشيطان في سعيه :

لكل ساقطةٍ في الحي لاقطةٌ وكل كاسدةٍ يوما لها سوقُ

أما وقد كان ما كان ، فالحمد لله على ستره عليكما ، ولطفه بكما ؛ فلم يقع بينكما ما يقع عادة في مثل تلك العلاقات ، والحمد لله أن وفقكما إلى قطع تلك العلاقة بينكما ، لكن أكملا ذلك العمل بالتوبة إلى الله عز وجل عما بدر منكما ، وقطع حبائل الشيطان التي نصبها لاصطيادكما ، وإشعال جمار الهوى والمعصية في قلوبكما ، ونسأل الله أن يمن علينا وعليكما بالقبول .

فإن فعلتما ذلك ، وبدأتما في تصحيح ما بدر منكما ، وتركتما ما سبق المنكرات ، فاستخر الله تعالى في أمر الزواج الذي تريده ، ولعل ذلك أن يكون تأكيدا لأخذكما في طريق الفلاح : ( وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) .

على أنك ينبغي عليك ، كما ينبغي عليها هي أيضا ، أن يتحرى كل واحد منكما معرفة سيرة صاحبه ، قبل تلك الزلة ، وأن يقف على سيرته ، وسيرة أهل بيته ، كما يفعل الخُطَّاب عادة ، فإن كان ما حدث منها من التعارف واللقاء بينكما بهذه الطريقة المرفوضة شرعا وأدبا ، إن كان ذلك زلة وقى الله تزايد شرها ، واشتعال شررها ، فاسعيا في إتمام أمر زواجكما في أقرب وقت يتيسر لكما ذلك الزواج فيه .

نعم ، قد كانت البداية خاطئة ، لكن ليس من الحكمة ، ولا من الرحمة ، أن ندع الغريق ونحن نقدر على أن ننقذه ، لأنه هو الذي غرر بنفسه ، وركب لجة البحر !!

ومقام التحذير من الشر ، ونهي العباد عنه شيء ، ومقام علاج من أخطأ وحاد عن الطريق شيء آخر ، وأهل السنة ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، يعرفون الحق ، ويرحمون الخلق .

فالذي نشير عليك به أن تقدم على الزواج بمن تعلقت بها ، وتعلقت بك ، بعد استخارة الله ، كما مر ، والاجتهاد في التضرع إليه أن يوفقكما لما يحبه الله ويرضاه ، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَمْ نَرَ لِلْمُتَحَابَّيْنِ مِثْلَ النِّكَاحِ ) [ رواه ابن ماجة 1847 وقال البوصيري : رجاله ثقات ، وإسناده صحيح ] .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

، فإن قدر الله بينكما هذا الزواج بعد ذلك ، فهو الخير إن شاء الله ، وإن لم يقدر ذلك ، فهو الخير أيضا إن شاء الله .

وننصح بمراجعة السؤال 36618

نسأل الله أن ييسر لنا ولكما أمرنا ، وأن يجعل عاقبتنا جميعا إلى هدى وفلاح .