عنوان الفتوى : الدعاء بذكر أنواع نعيم الجنة وتفاصيلها من الاعتداء في الدعاء
هل يجوز الدعاء بالزواج بصفات معينة في الحور العين في الجنة؟ أرجو الإفادة، وذكر دليل من الكتاب والسنة.
جزاكم الله خيرا، وبارك فيكم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فسَلِ الله الجنة، وتعوَّذ به من النار، فإنك إن أُعطيت الجنة أُعطيت كل ما فيها من الخير، وحصل لك عند ذلك ما تشتهيه وتشاؤه، قال الله: لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ {الفرقان:16}، وقال: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ {الزخرف:71}، فمهما اشتهيت، أو أردت من صفات في المأكول، أو المشروب، أو المنكوح؛ فإن الله يعطيكها بموجب هذا الوعد الكريم.
وأما التشقيق في الدعاء، وطلب تفاصيل ما في الجنة؛ فقد نهى عنه السلف الطيب، وعَدُّوه اعتداءً، وأمروا بسؤال الله الجنة، والتعوذ به من النار.
فقد روى أحمد، وأبو داود عن سعد -رضي الله عنه- أنه سمع ابْنًا لَهُ يَدْعُو وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، وَنَعِيمَهَا، وَإِسْتَبْرَقَهَا، وَنَحْوًا مِنْ هَذَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ، وَسَلَاسِلِهَا، وَأَغْلَالِهَا، فَقَالَ لَقَدْ سَأَلْتَ اللَّهَ خَيْرًا كَثِيرًا، وَتَعَوَّذْتَ به مِنْ شَرٍّ كَثِيرٍ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: إِنَّهُ سَيَكُونُ قوم يعتدون في الدعاء- وفي لفظ- يعتدون في الطهور والدعاء-، وقرأ هذه الآية: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا الآية. وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ.
وسمع عبد الله بن مغفل -رضي الله عنه- ابنه يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْقَصْرَ الْأَبْيَضَ عَنْ يَمِينِ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلْتُهَا، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ: سَلِ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وعُذ بِهِ مِنَ النَّارِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: يَكُونُ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ وَالطَّهُورِ. رواه أحمد وابن ماجه.
والحاصل أن لك في الجنة ما تشتهي إذا دخلتَها، فالأولى أن تصرف همتك إلى الدعاء بالمأثور، وأن تسأل الله الجنة، وتعوذ به من النار.
والله أعلم.