عنوان الفتوى : حكم من يسمح لابنه بالزنا
ما حكم الأهل الذين يسمحون لابنهم بالزنا، لأنه شاب؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزنا ذنب عظيم، وجرم شنيع، وكبيرة من كبائر الذنوب، جاء الشرع بالنهي عنه، بل والتحذير من مجرد الاقتراب منه، والحمى حوله، فضلا عن الوقوع فيه حقيقة، كما قال تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء:32}.
قال السعدي في تفسيره: والنهي عن قربانه أبلغ من النهي عن مجرد فعله؛ لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه، فإن: من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ـ خصوصًا هذا الأمر الذي في كثير من النفوس أقوى داع إليه. انتهى.
وقد جعل الله عز وجل عقوبته الحد في الدنيا والعذاب في الآخرة، كما سبق بيانه في الفتوى: 1602.
والولد أمانة عند والديه، فحقه عليهم تربيته منذ صغره على الخير والفضيلة، وإبعاده عن الفساد وأسبابه، قال تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ {النساء:11}.
قال السعدي في تفسيره: أي: أولادكم -يا معشر الوالِدِين- عندكم ودائع، قد وصاكم الله عليهم؛ لتقوموا بمصالحهم الدينية، والدنيوية، فتعلمونهم، وتؤدبونهم، وتكفونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله، وملازمة التقوى على الدوام، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ـ فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها؛ فيستحقوا بذلك الوعيد والعقاب. اهـ.
وإذا كبر الولد وبلغ مبلغ الرجال وتعلقت نفسه بالنساء، فينبغي حثه على الزواج، بل يجب على أبيه تزويجه في قول بعض الفقهاء، كما أوضحناه في الفتوى: 27231.
إذن: فالمطلوب حثه على الزواج والسعي في سبيل إعفافه، وأما أن يفسح له المجال للوقوع في الزنا، فهذا أمر غريب، وتصرف لا يفعله عاقل، فضلا عن أن يكون مسلما، ومن يعينه في ذلك فعليه وزره، كما أن على الولد وزر الزنا، فكما أن الدال على الخير كفاعله، فكذلك الدال على الشر.
والواجب بذل النصح لمن يُعْلم منه أنه يسمح لولده بذلك، أو يعينه عليه، ويجب نصح هذا الولد وتذكيره بتقوى الله واجتناب معصيته، فقد ثبت في صحيح مسلم عن تميم الداري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: الدين النصيحة.
والله أعلم.