أرشيف المقالات

كيف نستقبل رمضان المبارك - عبد الفتاح آدم المقدشي

مدة قراءة المادة : 16 دقائق .

{بسم الله الرحمن الرحيم }

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المرسلين وعلى آله ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد 
فمن المعلوم أنه أظل علينا أفضل شهرٍ من شهور الله ألا وهو شهر رمضان المبارك, فعلينا إذاً أن نستقبله بأتمِّ السرور بما امتنَّ الله علينا من نعمه التترى موسماً بعد موسمٍ كموسم رمضان وكموسم الحج أو كموسم الاستفادة من الأيام العشر لمن لم يحج.
وهذه المواسم - في الحقيقة - بمثابة المحطات في الطريق يتزوَّد منها العبد المؤمن التقي ليقوِّي به إيمانه بما سأشرح في الخصال الآتية:-
ولذلك أشير لإخواني المسلمين بأن نستقبل الرمضان المبارك بالخصال الآتية كالتالي:-
أولا: بالاخلاص , فمن كان لله أخلص كان أحظ لحيازة أجور شهر الرمضان المبارك وثمراته, كما كان زيادة الإخلاص للعبد في التوحيد والإيمان والأعمال الصالحات أحظ له للأجور والقبول عند الله في الدنيا وفي يوم القيامة .
ولذلك جاء في الحديث الذي ثبت في الصحيحين من رواية أبي هريرة 
" «مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ.»
[رواه مسلم رحمه الله برقم: 760 ورواه البخاري رحمه الله برقم : 2014 ]
أما مقصود كلمة " إيمانا " فمعناه: تصديقاً بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أمرٌ من الله لعباده.
أما مقصود كلمة " احتسابا " فمعناه: احتساباً للثواب والأجور للانتفاع بها يوم القيامة إذ قد يصوم بعض الناس حياءاً من الناس واتِّباعاً لما درج عليه الناس من حوله ورعاية لما يعتبره إنها مجرد عادات الناس والمنشأ والمربأ. 
وفي صحيح ابن حبان من رواية أبي هريرة أيضا : " « كلُّ حسنةٍ يعمَلُها ابنُ آدَمَ بعشْرِ حسناتٍ إلى سبعِمئةِ ضِعفٍ يقولُ اللهُ: إلَّا الصَّومَ فهو لي وأنا أجزي به يدَعُ الطَّعامَ مِن أجلي والشَّرابَ مِن أجلي وشهوتَه مِن أجلي وأنا أجزي به وللصَّائمِ فرحتانِ: فرحةٌ حينَ يُفطِرُ وفرحةٌ حينَ يلقى ربَّه ولَخُلوفُ فمِ الصَّائمِ حينَ يخلُفُ مِن الطَّعامِ أطيبُ عندَ اللهِ مِن ريحِ المِسكِ» .
[وقال شعيب الأرناؤوط في تخريجه للكتاب: إسناده صحيح على شرطهما] .
ومن المعلوم أن جميع الأعمال كلها لله جلّ وعلا , وهو الذي وحده سبحانه يجزي بها ولكن امتياز رمضان من دون سائر الأعمال بتلك الفضيلة إنما هو ليؤدي العبد فيه بقوة الإخلاص , إذ لو اختفى أحد من الناس في مكانٍ ما ثم أكل أو شرب ومسح بشفتيه بشيء أبيض فلا يمكن أن يعلمه أحد إلا الله الذي خلقه.
ثانيا التوبة  
فما أعظم حاجة الإنسان إلى التوبة النصوح في جميع الأوقات, فكيف ظنك وهو مقبلٌ على أعمالٍ عظيمة كرمضان الذي يعتق الله فيه عباد الرحمن من النار ويرزقه به أجراً أكثر من ثلاث وثمانين سنة ألا وهي ليلة القدر .
ومن التوبة النصوح التحلل من حقوق الناس والمظالم كلها بل حتى لمن كان بينك وبينه خصومة أو مشاحنة , فإذا كان الله يرد أعمال المتشاحنين عند رفع الأعمال في اليوم الإثنين والخميس كما جاء في الحديث أليس من سوء الحظ أن تفوتك تلك الأجور العظيمة بمجرد عدم مصالحتك مع أخيك المسلم الذي نزغ بينك وبينه الشيطان اللعين.
إذا فالتسامح بين الإخوة وعدم حمل الضغائن والإحن تُرضي الرحمن وتُغضب الشيطان لكون الله يحب أن يتماسك المسلمون متحابِّين متآزرين كأنهم كالبنيان المرصوص ليكونوا بذلك أقوياء حتى لا ينفذ إلى الإخوة الأحباء أعداء الله من ذلك الخلل الذي صنعه الشيطان فيميلوا عليهم ميلاً واحدة, لا سمح الله.
ثالثا: تربية النفوس وتزكيتها 
بعض الناس – هداهم الله - يكون لهم عادات يصعب تغييرها طيلة العام, ولكن بمجيء شهر الرمضان المبارك مع نفحاته ورحماته وبركاته وبجوِّه الإيماني يحصلون على فرصةٌ عظيمةٌ لإزالة هذه العادات التي ترسبت على النفوس بحول الله وقوته مع إرادة قوية منهم بالطبع والاستعانة بالله.
لذلك من الناس من يشتكي من العادات السيئة كالسجائر أو القات أو ادمان حشيشة والعياذ بالله أو شيشة أو خمر أو كالعادة السرية مثلا ...
إلخ فتصعب عليه الانفكاك من هذه العادات ولكن مع عون الله في رمضان سيجد أن الأمر سيكون أسهل إن شاء الله تعالى.
حتى من لم يكن له مثلاً خلق الصبر والحلم فإن الرمضان المبارك سيربِّيه على هذا الخلق الطيِّب حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم إذا سابه أحد أو قاتله أن يقول : إني صائم لا يجوز له أن يجاوز ذلك.كما في الحديث الذي ثبت في صحيح البخاري من رواية أبي هريرة " « قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ، فإنَّه لي وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ.
لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ »
" [رواه البخاري رحمه الله برقم: 1904]  

وكذلك من كان خلقه الثرثرة والوقوع على أعراض الناس كالغيبة أو النميمة أو الدخول فيما لا يعنيه فإن رمضان يحجمه عن ذلك للحديث الذي ثبت في صحيح البخاري من رواية أبي هريرة " «مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ» " [رواه البخاري رحمه الله برقم :1903]
رابعا: التطور بالعبادات
بعض الناس - هداهم الله – أقنوا أعمارهم في الهم ِّ لتطوير أنفسهم في الدنيا فحسب, فتراهم - سبحان الله - يفكرون ويستطلعون ويخططون ويدرسون ويعملون ويستشيرون بجهود جبارة لأجل ماذا؟ إنما هي بمجرد لأجل تحصيل دنيا دنية, ثم مع ذلك لا نراهم يبذلون أدنى جهد في تطوير عباداتهم وهي أغلى ما تكون في دنياهم وأخراهم!!.
فعلى سبيل المثال لا الحصر : قد يستطيع إنسانٌ بحول الله وقوته أن يختم القرآن مرة واحدة في رمضان حيث كان لا يكمل بقية الشهور قراءة القرآن إذاً يُعتبر ه ذا تطور, فليستمر على ختم القرآن مرة واحدة بقية الشهور, فإذا جاء الرمضان الثاني قليختم مرتين ثم ليفعل كما فعل في المرة الأولى وهكذا حتى يختم أربع ختمات أو خمس ختمات أو ست ختمات.
ومثلاً : إذا كان يقوم الليل في رمضان في ثلث الليل الآخر في ساعةٍ واحدةٍ أو في جزءٍ واحدٍ فليستمر على تلك الطريقة ببقية الشهور حتى إذا جاء الرمضان الآخر جعلها جزءين ثم ليلتزم على ذلك ببقة الشهور حتى يأتي الرمضان الآخر وهكذا حتى يقرأ ثلاث أجزاء فيختم القرآن كل عشرة أيام في التهجد وهو أحسن ما يكون وأنسب ليستمر على ذلك ولا يعجز منه.
وأيضاً على سبيل المثال استطاع إنسانٌ أن يُتبع رمضان ستاً من شوال فحصل له بذلك كصيام الدهر مع رمضانه إذاً فليجتهد في السنة القادمة أن يطوِّر نفسه ليصوم مع ست من شوال ثلاثة أيام من كل شهر حتى يكون له مع رمضانه كصيام الدهرين مع رمضان وهكذا ....
وأيضاً ينبغي أن يحاسب الشخص نفسه في تحصيله العلمي من الرمضان الماضي إلى الرمضان الراهن فينظر هل زاد أو نقص, وكذلك مستوى تدريسه أو دعوته المتنوعة هل زادت أو نقصت , وكذلك هل التزم ورده المعين في وقت كذا وكذا أزاد أم نقص وغير ذلك من المحاسبات سواء كانت عقيدة أو عبادة أو سلوكا وأخلاقا بل عليه أن يحساب نفسه ما استطاع بأن يتغلب على نفسه الأمارة بالسوء وكذلك كيف أقلع من المعاصي المعينة التي يعرفها عن نفسه.
خامسا : تضعيف الدعوة إلى الله
فكما هو معلوم الناس عندهم إقبال في هذ الشهر المفضال, فلذلك لابد للدعاة أن يكرِّسوا جهودهم وأن يضاعفوه ويعملوا في تحضير محاضراتهم ودروسهم كما ينبغي , ويعملوا أيضا بجداول زمنية وينوِّعوا دروسهم مع تنسيق دعوتهم بصور جماعية إذ هو أنشط للدعاة وللمدعوين أيضاً كما هو أنفع للجميع إفادة وإثارة وتشريك للأجور.
سادسا :تضعيف الصدقات وجميع صور الإحسان
فبلا شك مضاعفة الصدقات وجميع صور الإحسان في هذا الشهر الفضيل مما يتميَّز به من دون سائر الشهور كيف لا وهو الشهر الرمضان المبارك شهر الرحمات والنفحات شهر يُستحسن أن يفطر الناس بصورة جماعية لمن قدروا على ذلك ليشعر المسلمون جماعتنهم ووحدتهم وتواسيهم بالخيرات . 
بل بعض الناس يؤدون زكوات أموالهم في هذا الشهر الفضيل لتكتمل معهم الأجور في تأدية الركنين معاً بأتم الوجه وأفضله خصوصاً وبعض الناس يعيش في ظروف صعبة وفي حاجة وعوز لمن يمد لهم يد العون. 
أما تسديد الزكوات بهذا الشهر المبارك فلكونه من المواسم الزمانية التي يضاعف فيها الحسنات خصوصاً وكثير من الناس في هذه العبادة العظيمة متضررون لأجل عدم قدرتهم على الإفطار فليتصوَّر الأغنياء ذلك الأمر الصعب لإخوانهم إذ مساعدتهم والحالة هذه من أجلِّ القربات التي يمكن أن يتقرَّب بها العبد المؤمن إلى الله.
ففي صحيح البخاري عن ابن عباس: " {كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضانَ حِينَ يَلْقاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ يَلْقاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ فيُدارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ} " [رواه البخاري رحمه الله برقم : 6]
سابعا: أن نخرج من رمضان وقلوبنا مملوءة بتقوى الله , هذه هي الحكمة التي أعلَّ الله بكتابة الكريم في صيامنا لشهر رمضان المبارك , كما قال الله تعالى { {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} } [ البقرة: 183 ]
وفد حثَّنا الله سبحانه في كتابه العزيز أن نتزوَّد بالتقوى كما قال تعالى { {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} } [ البقرة: 197 ] وهذا كما ترى في الحج, وهنا في الرمضان قال { {لعلكم تتقون } } بمعنى ذلك: أن تتزوَّدو من التقوى من هذا الشهر الفضيل لتنتفعوا بتلك التقوى في سائر الشهور , والله أعلم. 
لذلك فاعلم أن من كان أعظم تقوى فهو أقرب إلى القَبول لقوله تعالى { {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} } [ المائدة: 27 ]
وعلامة ذلك القَبول أن تكون حسنات المرء في تلك المواسم يعقبها حسنات بعد خروجه منها, وأن يطوي بساط السيئات, وأن يستمر في دربه منتفعاً بزاد التقوى الذي تزوَّده من الموسم كما أشرت بالمحطات في مطلع المقال.
ثامناً: مضاعفة تدريس كتاب الله بالحفظ والتدبر والتأمل, نعم , ما أعظم موسم رمضان لحفظة كتاب الله والقراء, ولكن ينبغي للحفاظ أن يدخل عليهم رمضان وهم على أتم الاستعداد متدارسين بينهم بعضهم ببعض الآخر في بقية الشهور من السنة كلها. 
فإن دخل عليهم رمضان ضاعفوا مدارستهم وحفظهم خصوصاً لابد من تكريرهم لقراءته ولو مائة مرة عند قيامه لإمامة الناس كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبريل عليه السلام يتدارسان.
أما بالنسبة للتأمُّل والتدبُّر في كتاب الله في شهر رمضان المبارك فهو أجمل وأعظم ما يكون, فعسى الله أن يفتح لمتدبِّري كتاب الله آفاقا من العلوم لم يتصوَّروه قبل ذلك ببركة شهر الرمضان المبارك.
تاسعاً: الاهتمام والاستفادة من ليلة القدر, فما أعظمها من فرصة لا تعوض بشيء لمحبِّي الخير خصوصاً أُحرِّض على أولئك الذين ضيعوا السنة المهجورة ألا وهي سنة الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان بأن يعتكفوها ليرضوا ربهم وليتغلبوا على شياطينهم.
إذ المعتكف لا يمكن أن تفوته في اعتكافه أن يتعبد في بيت الله في ثلث الأخير من تلك الليالي المطلوبة كما سيتفرغ لعبادة ربه وقراءة القرآن فيُرضي ربَّه بذلك. 
وقد رأى رجلٌ معتكف بالرؤيا شيطاناً يمشي نحوه فأخذ عصا طويلة فأجلسة في زاوية من المسجد فأدَّبه تأديباً مما يدل على أن المعتكف سيكون متغلب على شيطانه بحول الله وقوته .
عاشرا: كثرة التضرع والدعاء فيه لنفسك وللمسلمين خصوصا في تلك الليالي التي أرجى للناس إلى ليلة القدر.
فهذه الليلة إنما هي ليلة العمر, ليلة إن رزقت بها وأنت مجتهد بالعبادات تقبَّل الله منك بل فزت وأفلحت وأعتقك الله بسببها من النار كما قال تعالى { {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} } [ آل عمران: 185 ]
فاجتهد – يا عبد الله - بكثرة التضرع والدعاء في هذا الشهر الفضيل لنفسك وللمسلمين خصوصاً في الليالي التي يُرجى فيها ليلة القدر وادع بأكثر الأدعية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثرها كدعاء { {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } } [ البقرة: 201 ] كما جاء في حديث أنس أو كما جاء في حديث أم سلمة " «قُلتُ لأمِّ سلمةَ : يا أمَّ المؤمنينَ ما كانَ أَكْثرُ دعاءِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ إذا كانَ عندَكِ ؟ قالَت : كانَ أَكْثرُ دعائِهِ : يا مُقلِّبَ القلوب ِ ثبِّت قلبي على دينِكَ قالَت : فقُلتُ : يا رسولَ اللَّهِ ما أكثرُ دعاءكَ يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ ؟ قالَ : يا أمَّ سلمةَ إنَّهُ لَيسَ آدميٌّ إلَّا وقلبُهُ بينَ أصبُعَيْنِ من أصابعِ اللَّهِ ، فمَن شاءَ أقامَ ، ومن شاءَ أزاغَ .
فتلا معاذٌ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا»
" [رواه الألباني في صحيح الترمذي برقم 3522]  
وهما لا يتنافيان, بمعنى هذا: يكثر مرة هذا الدعاء ويكثر مرة أخرى هذا الدعاء فكلٌ روى ما رآه, ورضي الله عن الصحابة الكرام.
ثم أكثر بأن تدعوا في الليالي التي يُرجى فيها ليلة القدر بهذا الدعاء لما سألت عائشة رضي الله عنها بدعاء تدعوا بها إن وفقها الله ليلة القدر كما جاء في سنن الترمذي عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قلتُ يا رسولَ اللَّهِ أرأيتَ إن عَلِمْتُ أيُّ لَيلةٍ لَيلةُ القَدرِ ما أقولُ فيها قالَ قولي اللَّهمَّ إنَّكَ عفوٌّ كَريمُ تُحبُّ العفوَ فاعْفُ عنِّي" رواه الأالباني في صحيح الترمذي برقم: 3513 
هذا, ونسأل الله عزَّ وجلَّ التوفيق والسداد والرشاد والقَول وأن يُعيد لهذه الأمة مجدها كسابق عهدها وأن يرفعهم بهذا الدِّين العظيم كما رفعهم حين تمسَّكوا به وعضُّوا عليه بالنواجذ ونبذوا ما سواه وراء ظهورهم إنه هوالمولى والقادر على ذلك. 
والله أعلم والهادي إلى سواء السبيل 
الفقير إلى رحمة ربه وعفوه
عبد الفتاح آدم المقدشي

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢