عنوان الفتوى : العغو عن يسير النجاسة ليس شاملا لكل النجاسات
يتحدث الفقهاء عن العفو عن يسير النجاسة فهل هناك نص او اثر في المسألة أم هو محض اجتهادالفقهاء وجزاكم الله خيرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعفو عن يسير النجاسة الذي عليه أكثر أهل العلم ليس شاملا لكل النجاسات، بل في بعضها دون بعض، ومما يعفى عنه اليسير من الدم، وما يتعلق به كالقيح والصديد، ومن الأدلة التي استند إليها جمهور أهل العلم ما يلي:
1- سكوته صلى الله عليه وسلم عن الأمر بغسل الثوب من يسير دم الحيض، كما سيتضح إن شاء الله، ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم يستحيل في حقه السكوت على باطل، بل قد يكون عدم الغسل بأمره صلى الله عليه وسلم.
2- فعل الصحابة رضوان الله عليهم، خصوصا أمهات المؤمنين اللائي عرف عنهن الورع والفقه في الدين.
3- أن الشريعة المطهرة من مقاصدها رفع الحرج والمشقة، وفتح باب الرخصة عند حصول المشقة.
وقد فصل ابن قدامة في المغني هذا الموضوع حيث قال:
وأما الدم فإنه يشق التحرز منه، فإن الإنسان لا يكاد يخلو من بثرة أو حكة أو دمل، ويخرج من أنفه وفيه وغيرهما، فيشق التحرز من يسيره أكثر من كثيره. إلى أن قال: أكثر أهل العلم يرون العفو عن يسير الدم والقيح، وممن روي عنه ابن عباس وأبو هريرة وجابر وابن أبي أوفى وسعيد ابن المسيب وسعيد بن جبير وطاوس ومجاهد وعروة ومحمد بن كنانة والنخعي وقتادة والأوزاعي والشافعي في أحد قوليه، وأصحاب الرأي.
إلى أن قال أيضا: ولنا ما وري عن عائشة قالت: كان يكون لإحدانا الدرع فيه تحيض وفيه تصيبها الجنابة، ثم ترى فيه قطرة من دم فتقصعه بريقها، وفي لفظ: ما كان لإحدانا إلا ثوب فيه تحيض، فإن أصابه شيء من دمها بلّته بريقها، ثم قصعته بظفرها. رواه أبو داود، وهذا يدل على العفو عنه، لأن الريق لا يطهر به ويتنجس به ظفرها وهو إخبار عن دوام الفعل، ومثل هذا لا يخفى على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصدر إلا عن أمره، ولأنه قول من سَمَّينا من الصحابة، ولا مخالف لهم في عصرهم، فيكون إجماعا. انتهى.
والله أعلم.