عنوان الفتوى : مَن احتلم في بيت أختِه ولم يغتسل حياءً وتوضّأ وصلّى في المسجد
نمت في بيت أختي، ثم استيقظت على صوت أذان الفجر، وعندما ذهبت إلى الحمام للوضوء، وجدت أني قد احتلمت، ولا أستطيع الاستحمام؛ لكيلا أُحْرِج نفسي، وخوًفا من أن أسبّب قلقًا -ولو بسيطًا- لهم؛ فغسلت مكان الاحتلام، وتوضّأت، ثم ذهبت للصلاة في المسجد، فهل عليّ إثم لدخولي المسجد وأنا جنب؟ وهل أعيد الصلاة بعد غسل الجنابة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالاحتلام أمر عاديّ يصيب مَن بلغ -مِن ذكر، أو أنثى-.
وما كان عليك أن تستحيي من الاغتسال -والحال ما ذكر-؛ فالاغتسال لا يكلّف كبير شيء، فما هو إلا أن تصبّ الماء على جميع بدنك بنية؛ فإذا أنت قد طهرت.
ومن ثَمَّ؛ فما فعلته غير مجزئ، وعليك أن تتوب إلى الله تعالى مما أقدمت عليه من الصلاة على غير طهارة، ومِن تضييع الصلاة وإخراجها عن وقتها لغير عذر.
وعليك أن تقضي تلك الصلاة بعد اغتسالك؛ لأنها دَين في ذمّتك، لا تبرأ إلا بقضائها.
وأما دخولك المسجد؛ فإن الحنابلة يرون أن الجُنُب إذا توضأ، جاز له المكث في المسجد، وهو قول قويّ، قد استدلّوا له بفعل الصحابة -رضي الله عنهم-؛ ومن ثم؛ فلست -إن شاء الله- آثمًا من هذه الجهة، قال في شرح الإقناع، بعد بيان تحريم لبث الجنب والحائض في المسجد: (إلَّا أَنْ يَتَوَضَّؤوا) أَيْ: الْجُنُبُ، وَالْحَائِضُ، وَالنُّفَسَاءُ، إذَا انْقَطَعَ دَمُهُمَا؛ فَيَجُوزُ لَهُمَا اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَالْأَثْرَمُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: رَأَيْتُ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمْ مُجْنِبُونَ، إذَا تَوَضَّؤوا وُضُوءَ الصَّلَاةِ.
قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ يُخَفِّفُ حَدَثَهُ؛ فَيَزُولُ بَعْضُ مَا يَمْنَعُهُ. انتهى.
والله أعلم.