عنوان الفتوى : ترك شعر العانة حتى قارب الأربعين يوما، ودخل عشر ذي الحجة، فهل يحلقها أم يتركها؟
ماذا أفعل إذا صادف في أيام عشر ذي الحجة وأنا أريد التضحية موعد حلق العانة، أي ستزيد المدة عن أربعين ليلة، ولم أتذكر حلقها قبل بداية العشر؟
الحمد لله.
هذه المسألة يتنازعها حكمان.
الحكم الأول:
الأمر بحلق العانة وعدم تركها أكثر من أربعين يوما.
روى الإمام مسلم (258) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفِ الْإِبْطِ، وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ".
قال النووي رحمه الله تعالى:
" فإن قوله: ( وُقِّتَ لَنَا ) كقول الصحابي: أمرنا بكذا، ونهينا عن كذا : وهو مرفوع كقوله: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. على المذهب الصحيح الذي عليه الجمهور من أهل الحديث والفقه الاصول " انتهى. "المجموع" (1 / 286 — 287).
وترك الاستحداد أكثر من أربعين يوما: حكمه محل خلاف بين أهل العلم.
فذهب الحنفية إلى كراهيته كراهة تحريم.
جاء في "حاشية ابن عابدين" (9/583):
" قوله: ( وكره تركه ) أي تحريما؛ لقول المجتبى: ولا عذر فيما وراء الأربعين ويستحق الوعيد " انتهى.
وذهب الجمهور إلى أنه مكروه وليس بمحرم.
قال المرداوي رحمه الله تعالى:
" ولا يتركه فوق أربعين يوما. نص عليه. فإن فعل كره. صرح به في "المستوعب"، و "النظم"، وغيرهما " انتهى من "الإنصاف" (1/255).
وقال النووي رحمه الله تعالى:
" تقليم الأظفار، وإزالة شعر العانة، بحلق، أو نتف، أو قص، أو نورة، أو غيرها، والحلق أفضل. ويستحب إزالة شعر الإبط بأحد هذه الأمور، والنتف أفضل لمن قوي عليه. ويستحب قص الشارب، بحيث يبين طرف الشفة بيانا ظاهرا. ويبدأ في هذه كلها، باليمين، ولا يؤخرها عن وقت الحاجة، ويكره كراهة شديدة، تأخيرها عن أربعين يوما، للحديث في "صحيح مسلم" بالنهي عن ذلك " انتهى من "روضة الطالبين" (3/234).
الحكم الثاني:
نهي من أراد أن يضحي عن الأخذ من شعره في عشر ذي الحجة، حتى يضحي.
روى الإمام مسلم (1977) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا .
واختلف اهل العلم في حكم حلق المضحي لشعره في هذه الأيام، فبعضهم قال بالإباحة، وبعضهم قال بالكراهة، وبعضهم بالتحريم.
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:
" مسألة؛ قال: ( ومن أراد أن يضحى، فدخل العشر، فلا يأخذ من شعره ولا بشرته شيئا )
ظاهر هذا تحريم قص الشعر. وهو قول بعض أصحابنا. وحكاه ابن المنذر عن أحمد وإسحاق وسعيد بن المسيب.
وقال القاضي، وجماعة من أصحابنا: هو مكروه، غير محرم. وبه قال مالك، والشافعى...
وقال أبو حنيفة: لا يكره ذلك؛ لأنه لا يحرم عليه الوطء واللباس، فلا يكره له حلق الشعر، وتقليم الأظفار، كما لو لم يرد أن يضحى.
ولنا، ما روت أم سلمة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ( إذا دخل العشر، وأراد أحدكم أن يضحى، فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئا، حتى يضحى ) رواه مسلم. ومقتضى النهى التحريم " انتهى من "المغني" (13/362).
وقال النووي رحمه الله تعالى:
" مذهبنا: أن إزالة الشعر والظفر في العشر لمن أراد التضحية مكروه كراهة تنزيه حتى يضحي.
وقال مالك، وأبو حنيفة: لا يكره.
وقال سعيد بن المسيب، وربيعة، وأحمد، وإسحاق، وداود: يحرم.
وعن مالك: أنه يكره … " انتهى من "المجموع شرح المهذب" (8/392)
وبناء على هذا:
والمسألة محتملة، ولم نقف على نقل خاص في صورة السؤال لأحد من أهل العلم، والذي يظهر والله أعلم: أن من نسي حلق عانته، وكان تأخيره إلى ما بعد العشر، يزيد في مدتها عن أربعين يوما؛ فإنه يحلق عانته، والمضحي لا يحرم عليه حلق شيء من شعره، عند جمهور أهل العلم، ومن قال بالكراهة، فالكراهة تزول بالحاجة، والحاجة الشرعية إلى حلق عانته متوجهة في صورة السؤال.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |