عنوان الفتوى : ما دلالة النطق بالشهادة عند الموت لمن كانت عنده مظالم لغيره؟

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

توفيت زوجة جدي الثانية بسبب مرض خبيث -عافاكم الله منه-، وكانت أمي تسكن في صغرها معها، ومع إخوتي، ومع أعمامي وعماتي في بيت جدي -رحمه الله-. ولقد كانت في حياتها تؤذي أعمامي وعماتي بكل أنواع الأذية خاصة أمي وإخوتي؛ لأنها -أمي- كانت العروسة الوحيدة في وقتها، فكانت تؤذيها بكل أنواع الأذية التي لا تخطر على بال، حتى جدي في أواخر حياته، وفي مرض موته لم يسلم من معاملتها القاسية له، وهذا بشهادة كل من عاشوا معها من أعمامي وعماتي، خاصة أمي آذتها، وصبرت، ولم تشتكِ لأحد.
حتى أخي الكبير في سنواته الأخيرة أصبح يُصرع، وهو لا يعاني من أيّ خلل طبي في جسده، هذا ما قاله الأطباء، وقد أخذناه إلى الرقاة، وبعد جلسة الرقية نطقت على لسانه جنية، وأخبرت الراقي أنها تعيش معه منذ سنوات، وأنها مربوطة بسحر مع كل أفراد العائلة، وأن السحر وضع لأمي وأولادها، وأن السحر وضع في قفل، ومدفون في المقابر. وسبب وضع السحر لكي تدمر كل أفراد العائلة ماديا ومعنويا، وهذا فعلا الواقع الذي نعيشه -ولله الحمد-.
ثم أخبر أخي الراقي أثناء الرقية أن الفاعل هي زوجة جدي هذه وأمها بدافع الغيرة والكره.
سؤالي من فضيلتكم: عندما توفيت ذكر أحد أبنائها أنه عند لحظة الاحتضار نطقت بالشهادة. علما بأنها لم تطلب ممن آذتهم السماح على ما فعلته بهم في حياتها، ومنهم أمي. وعلما بأن أم زوجة جدي الثانية هذه توفيت من قبل، وقبل موتها كانوا يحبسونها في غرفة لوحدها، وكان يسمع لها صراخ كعواء الكلاب -أكرمكم الله-.
فهل موت زوجة جدي هذه مع نطقها الشهادة -حسب قول ابنها- هل يعني هذا أن الله راضٍ عنها، وغفر لها، رغم مظالمها لأمي وغيرها؟ لأني أسمع دائما أن كل ظالم يقتص الله منه قبل موته بعقوبة، أو سوء خاتمة، أو غيرها.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كانت زوجة جدك قد نطقت الشهادة عند الاحتضار؛ فهذه علامة خير، فقد ثبت في سنن أبي داود عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة. وفي رواية أحمد في المسند: وجبت له الجنة.

وهي قد أفضت إلى ربها -وهو أعلم بحالها-، فقد تكون لها حسنات ماحية للذنوب، أو مصائب مكفرة كهذا المرض الذي أصابها، فاكتسبت بذلك رضا ربها عنها.

وكونها قد آذت أمك وأعمامك وعماتك -إن صح ذلك- قد لا يمنع من أن يختم لها خاتمة حسنة، فما يدريك أن يكونوا قد سامحوها فيما فعلت، وإن لم يفعلوا، فقد يرضيهم الله عنها يوم القيامة بما شاء، وإن لم يكن هذا وذاك، فيمكن أن يقتص لهم منها، فالأمر لله من قبل ومن بعد. فلا تشغل نفسك بالتفكير في هذا.

والأصل براءة ذمتها مما نسب إليها من عمل السحر، فالواجب أن يحسن الظن بالمسلم حتى يتبين أن الأمر خلاف ذلك، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ{الحجرات:12}، ولا يجوز أن ينسب إليها ذلك لمجرد ما ذكره الراقي حتى يثبت ذلك ببينة، وكلام الجني على لسان المريض لا يعول عليه، فإن منهم من هم مطبوعون على الكذب، وقد قال تعالى: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا {الجن:11}، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة -رضي الله عنه-: صدقك، وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟ قال: لا. قال: ذاك شيطان. رواه البخاري.

وما سمعته من أن كل ظالم يقتص الله منه قبل موته بعقوبة، أو سوء خاتمة، أو غيرها؛ لا نعلم له أصلا في الشرع.

والله أعلم.