عنوان الفتوى : المعتبر والمرجع في الرضعات المحرمة
أنا وابنة خالي نحب بعضنا جدا، وكنا ننوي الزواج، لكن أمها أخبرتنا أنها أرضعتني ليلة ولادتي فقط لا غير، وكانت لمدة حوالي ثماني ساعات. وتقول إن عدد المرات فاق العشر، ولكنها كانت غير مشبعات؛ لأني كنت أبكي كثيرا، وأنام وأستيقظ.
فهل هذا يحرم علينا الزواج؟ وهل هناك شيء آخر يجب علينا بسببه؟ وهل من الممكن أن أحصل على عدد الرضعات المشبعات في هذه المدة القصيرة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في عدد الرضعات المحرّمة، فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة -في رواية- إلى حصول التحريم برضعة واحدة، وذهب الشافعية والحنابلة في الصحيح من المذهب، إلى اشتراط خمس رضعات مشبعات، وهذا هو المفتى به عندنا، وانظر الفتوى: 9790.
وحصول خمس رضعات في الزمن المذكور؛ متصور الإمكان لا إشكال فيه؛ فالمعتبر في الرضعات المحرمة أن يكنّ متفرقات، بحيث يترك الطفل الثدي باختياره، ثم يعود إليه في ذلك المجلس، أو في غيره.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: والمرجع في معرفة الرضعة إلى العرف؛ لأن الشرع ورد بها مطلقا، ولم يحدّها بزمن، ولا مقدار، فدلّ ذلك على أنّه ردّهم إلى العرف. فإذا ارتضع الصبي، وقطع قطعا بينا باختياره، كان ذلك رضعة، فإذا عاد كانت رضعة أخرى. انتهى.
وقال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف: ومتى أخَذَ الثَّدْيَ فامْتَصَّ منه ثم تَرَكَه، أو قُطِعَ عليه، فهي رَضْعَةٌ، فمتى عادَ فهي رَضْعَةٌ أُخْرَى؛ بَعُدَ ما بَينَهما أو قَرُبَ، وسَواءٌ تَرَكَه شِبَعًا، أو لأمْرٍ يُلْهِيه، أو لانْتِقالِه مِن ثَدْيٍ إلى غيرِه، أو مِن امْرَأةٍ إلى غيرِها. وهذا المذهبُ في ذلك. انتهى.
وعليه؛ فما دمت رضعت من امرأة خالك خمس رضعات؛ فقد صارت أمًّا لك من الرضاعة، وحَرُم عليك التزوج من بناتها.
وعلى فرض أنّه لم يثبت اكتمال خمس رضعات؛ فالذي ننصح لك به؛ ألا تتزوج بنت خالك التي أرضعتك أمّها؛ خروجًا من خلاف أهل العلم القائلين بالتحريم بالمرة الواحدة.
والله أعلم.