عنوان الفتوى : إبراء صاحب الدَّين المدين بعد تذكيره بالدّين، والتحرّج من ردّ الدَّين اليسير

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

قبل سنوات كان عليّ دينان: الأول قليل ويسير، والثاني كبير، وقابلت صاحب الدَّين الثاني، وذكرت له الدَّين، وقال لي: إنه قد عفا عنه، وشعرت بحرج عندما قلت له ذلك.
والدَّين الآخر لأحد الأشخاص في نفس عمري، وهو صاحب لي في ذلك الوقت، كان يبيع الحلويات زهيدة الثمن في الشارع، وقد أخذت واحدة بالدَّين، وقلت له: سوف أحضر لك المال غدًا، ونسيت أن أعطيه حقّه، وهو قد ترك بيع الحلويات، وبعد مدة تذكّرت أن له دَينًا عليّ، لكنه دَين يسير؛ فشعرت بالحرج؛ لأنه مبلغ لا يساوي شيئًا عندنا، فماذا أفعل في هذه الحالة؟ وكيف أتصرّف من غير إحراج؟

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فيجب عليك أن تبادر بردّ هذا الدَّين إلى صاحبه، ما دمت قادرًا على ردّه، أو تستسمحه منه، ولو كان شيئًا زهيدًا، يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: على اليد ما أخذت، حتى تؤدّيه. رواه أحمد في المسند، وغيره. وقال الترمذي: حسن صحيح.

ويقول صلى الله عليه وسلم أيضًا: مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ؛ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ، وَلاَ دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ، أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ؛ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ. رواه البخاري.

وإذا كنت تتحرّج من دفع حقّه إليه مباشرة؛ فيمكنك أن تحتال في إيصاله إليه بأي وسيلة أخرى تبرئ ذمّتك، كأن ترسله مع غيرك دون أن يذكرك له، أو تضعه في حسابه، وهكذا...

والأولى أن تُعلِمه به؛ لأنه يمكن أن يكون بقي في ذاكرته أنك لم تفِ بلفظك في شيء حقير، ولم يسألك عنه لصحبتكما، أو لحقارته..

أما الذي عفا عن دَينه، إن كان ذلك عن طِيب نفس منه؛ فقد برئت ذمّتك منه حينئذ، والأولى أن تكافئه بالدعاء، أو بغيره، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ومن صنع إليكم معروفًا، فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه، فادعوا له؛ حتى تروا أنكم قد كافأتموه. رواه أبو داود، وغيره، وصححه الألباني.

والله أعلم.