عنوان الفتوى : معاتبة الأب بأسلوب فظ من العقوق
أبي ألفاظه نابية وقبيحة للغاية؟! وأنا أعاتبه في بعض الأحيان بأسلوب فظ جدا، فهل هذا يدخل في العقوق؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جعل الشرع للوالدين مكانة عظيمة، فقرن حقهما بحقه، فقال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا{الإسراء:23}.
فيجب البر بالوالد والإحسان إليه، ومن البر به والإحسان إليه الدعاء له بالخير والصلاح، وكذلك بذل النصح له إن أساء ولكن بلطف وأدب، فإن استجاب فذاك، وإلا فيترك.
جاء في كتاب الآداب الشرعية لابن مفلح: فصل من أمر الوالدين بالمعروف وينهاهما عن المنكر، وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه يعلمه بغير عنف، ولا إساءة، ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي. اهـ.
وإساءته لا تبرر الإساءة إليه بحال، بل يجب الإحسان إليه وإن أساء، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}.
روى البخاري في الأدب المفرد أثرًا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يُصبح إليهما محتسبًا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ وإن كان واحدًا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرضَ الله عنه حتى يرضى عنه، قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه.
أورده تحت: باب: بر والديه وإن ظلما.
فإن كان الحال على ما ذكرت من كلامك مع والدك بأسلوب فظ، فلا شك في أنك وقعت في العقوق، وإذا كان الله عز وجل قد نهى عن التأفيف والذي هو أدنى درجات الإساءة، فكيف بما هو أعلى منه من نحو ما ذكرت؟ قال سبحانه في محكم كتابه: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء:23}.
قال ابن كثير في تفسيره: أي ولا تُسْمِعْهما قولاً سيئاً، حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيء. اهـ.
والعقوق كبيرة من كبائر الذنوب، فالواجب عليك المبادرة للتوبة النصوح والاعتذار لوالدك وطلب مسامحته والإحسان إليه، عسى الله أن يرضى عنك، ويرضيه عنك.
والله أعلم.