عنوان الفتوى : هل تطهر نجاسة البول اليسيرة على البدن بالجفاف؟
نجاسة البول اليسيرة إذا جفت على البدن هل تطهر؟ أم يجب غسلها؟
جزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن جفاف النجاسة قليلة كانت أو كثيرة، واختفاء جِرمها لا يصير المحل الذي أصابته طاهرا، بل لا بد من غسله، وهذا مذهب الجمهور.
قال الدسوقي في حاشيته: تنبيه: ليس من زوال النجاسة جفاف البول بالثوب، وحينئذ إذا لاقى محلًا مبلولاً نجّسه. انتهى.
وقال النووي في المجموع: وَأَمَّا الثَّوْبُ النَّجِسُ بِبَوْلٍ وَنَحْوِهِ إذَا زَالَ أَثَرُ النَّجَاسَةِ مِنْهُ بِالشَّمْسِ، فَالْمَذْهَبُ القطع بأنه لا يطهر، وبه قطع العراقيون. انتهى.
وقال عبد السلام بن تيمية أبو البركات في المحرر في الفقه على مذهب أحمد: ولا تطهر النجاسة بشمس ولا ريح ولا استحالة. انتهى
أما عن اليسير من النجاسة: ففيه خلاف بين أهل العلم. والجمهور على أنه لا يعفى عن شيء من النجاسات إلا يسير الدم والقيح؛ لأن الأدلة لم تفرق بين كثير النجاسة وقليلها.
قال ابن قدامة في المغني: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ يَسِيرِ النَّجَاسَةِ وَكَثِيرِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْيَسِيرُ مِمَّا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ [أي : يراه الإنسان بعينه] أَوْ لَا يُدْرِكُهُ مِنْ جَمِيعِ النَّجَاسَاتِ ... وَقِيلَ عَن الشَّافِعِيِّ : إنَّ مَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ مِن النَّجَاسَةِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ ؛ لِلْمَشَقَّةِ اللَّاحِقَةِ بِهِ. انتهى
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وَفَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ الدَّمِ وَمَا مَعَهُ مِنْ قَيْحٍ وَصَدِيدٍ وَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ، فَيَقُولُونَ بِالْعَفْوِ عَنْ قَدْرِ دِرْهَمٍ مِنْ دَمٍ وَقَيْحٍ وَصَدِيدٍ وَهُوَ الدَّائِرَةُ السَّوْدَاءُ الْكَائِنَةُ فِي ذِرَاعِ الْبَغْل، قَال الصَّاوِيُّ: إِنَّمَا اخْتَصَّ الْعَفْوُ بِالدَّمِ وَمَا مَعَهُ، لأِنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَخْلُو عَنْهُ، فَالاِحْتِرَازُ عَنْ يَسِيرِهِ عَسِرٌ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ النَّجَاسَاتِ كَالْبَوْل وَالْغَائِطِ وَالْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ. انتهى.
وللوقوف على تفصيل كلام أهل العلم في ذلك انظر الفتويين التاليتين : 134899 - 52081.
والله أعلم.