عنوان الفتوى : واجب من أفتي بجواز الاقتراض بالربا لشراء عيادة في بلاد الغرب
باختصار: كما تعلمون فمجلس الإفتاء الأوروبي أجاز قرض البيت.
أنا طبيب مختص في ألمانيا. توجهت للمجلس لإفتائي (بالجواز أو الرفض) لقرض شراء عيادة. لتجنب الكثير من السلبيات في العمل كموظف التي لا يعلمها إلا الله. والتفاصيل طويلة.
وبعد شهور من انتظار المجلس، تواصلت مع أحد أعضاء المجلس بشكل مفرد، وأخبرني بأن هذا الموضوع بالذات قيد البحث من سنوات وأفتى لي وفق سؤالي بجواز القرض.
عدا هذا فقد سمعت بفتاوى مشابهة في ألمانيا كوصف القرض بالتمويل، خصوصا وأن الفائدة تقترب من الصفر، والتضخم أكبر من ذلك.
منذ مدة سعيت للسفر إلى الخليج -فبلدي الأم لم يعد العيش فيه ممكنا بسبب الحرب والسياسة مثل معظم بلاد المسلمين- ولكن توقفت لاحقا لصعوبة تعديل الشهادة وإيجاد عمل. وكان هدفي تيسير تربية الأولاد على الدين واللغة والثقافة الإسلامية العربية. وطبعا في النهاية لا أحد يضمن نفسه لا هنا ولا هناك. وواجبنا السعي والأخذ بالأسباب.
الحمد لله الرزق في أوروبا جيد. ومن أراد تربية أولاده عليه التفرغ وبذل جهد مضاعف، يعاكس فكر الجيران والمدرسة والقانون أحيانا (كالشذوذ مثلا)
ومع قرب توقيع عقد شراء العيادة يتزايد الخوف لدي، والرغبة بإعادة تكثيف الجهود نحو الخليج؛ لأبرأ بديني وأولادي، ولا أتردد عند الجواب أمام الله يوم الدين بما يخص أولادي، وما يخص بدائل القرض الربوي. وأخاف أن يأخذني هم العمل مستقبلا ويسرق طاقتي، ويحرف وجهتها قليلا عن الآخرة. وحتى إن لم أملك عيادة، فثبات قلوبنا في هذه البلاد غير مضمون.
للحق فحرية العبادة موجودة، ولكن الصحبة الصالحة والجو الإسلامي صعب التوفر لنا هنا؛ لضيق وقت الناس، وبعد المسافات، وتبعثر الجالية (المقصود أحيانا).
من ناحية أخرى: أستشعر أن الله وضعنا هنا كمسلمين لحكمة، وحتى دراسات الغرب تبيّن تزايد عدد المسلمين، وإمكانية تفوقهم عدديا على ذويهم في أوروبا في المستقبل. وأشعر أنني يجب أن أصبر على مجاهدة هذه النفس عسى أن يفيد الله بنا (وباستقلاليتنا في عملنا) وبذريتنا هنا ويمكّن للإسلام بنا. وأخشى أنني بخروجي من أوروبا أستسهل المجاهدة وأهرب من العذاب.
ما نصيحتكم لي وفق ما ذكرت، خاصة ما يتعلق بقروض المشاريع في أوروبا، وبالتربية في الغرب لمن اضطر للبقاء.
وكلي رجاء بإجابة شرعية تنطلق من واقع يعيشه ملايين المسلمين حاليا، في البلاد غير الإسلامية، راغبين أو مغرمين.
أسأل الله الثبات لي ولكم وللمسلمين.
وشكراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله -تعالى- أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، ويجنبك ما يسخطه، ويهديك لأرشد أمرك، وينفع بك حيثما كنت.
واعلم أنّ الاقتراض بالربا من الكبائر، فلا يجوز الإقدام عليه إلا عند الضرورة وما يقاربها، وراجع الفتوى: 6501، والفتوى: 336088
وإذا كنت غير مطمئن القلب إلى فتوى من أفتاك بجواز الإقدام على القرض الربوي؛ فلا تقدم عليه واحتط لدينك، عملاً بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. رواه الترمذي.
وفي مسند أحمد عن أبي ثعلبة الخشني -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: الْبِرُّ مَا سَكَنَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ. وَالْإِثْمُ مَا لَمْ تَسْكُنْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَلَمْ يَطْمَئِنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَإِنْ أَفْتَاكَ الْمُفْتُونَ.
ونصيحتنا لك؛ أن تجتهد في السعي إلى الإقامة في بلاد المسلمين ما استطعت إلى ذلك سبيلا؛ فالإقامة في بلاد الكفار تنطوي على كثير من المخاطر على الدين والأخلاق.
وراجع الفتوى: 311917
والله أعلم.