عنوان الفتوى : كيفية تغلّب الفتاة على ندمها على فسخ الخطبة
كنت قد فسخت خِطبتي من شاب كان مناسبًا، ولكن لم نكن على توافق، فقد كنت أبكي من شدة ضغطه عليّ في بعض الأمور، ولم أكن مرتاحة، ولم يكن يعامل أهلي وأهله باحترام. وأنا نادمة الآن بسبب رغبتي في الزواج، وأقول لنفسي: ماذا كان سيحصل لو صبرت عليه، وتزوجت؟ ماذا أفعل للتغلب على ندمي؟ وهل يمكن أن يعوّضني الله خيرًا منه؟ أنا حقًّا ضائعة، وتائهة، وأبكي، وأدعو الله بحرقة أن يزوّجني، فأنا في أَمَسِّ الحاجة للزواج.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن أنفع العلاج في مثل هذه الحالة التي أنت فيها الرضا بما قدَّر الله تعالى، قال سبحانه: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ {الحديد:22-23}.
وعليك أن تتذكّري أن اهتمامك بهذا الأمر، والتفاتك إلى ما مضى وفات، قد يدخل عليك الشيطان بسببه الحسرة، والندامة، وهذا مما يضرك، ولا ينفعك.
وقد جاء الأدب النبوي بهذا الخصوص في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، وإن أصابك شيء؛ فلا تقل لو أني فعلت، كان كذا وكذا. ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان.
ثم ما يدريك أن يكون في زواجك منه خير لك، خاصة وأنك ذكرت أنه قد دبّت الخلافات بينك وبينه وأنتما في مرحلة الخِطبة، وأنه لا يحترم أهله وأهلك.
فوصيتنا لك أن لا تأسفي على ما مضى، بل ينبغي أن تستشرفي المستقبل، وتفوّضي أمرك إلى الله، وتسأليه أن ييسر لك الزواج من رجل صالح، وهو القائل تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
وننبه إلى أنه يجوز للمرأة شرعًا البحث عن الزوج الصالح، وأن تعرض نفسها على من ترغب في زواجه منها؛ بشرط مراعاة الضوابط الشرعية، وراجعي للمزيد الفتوى: 108281.
والله أعلم.