عنوان الفتوى : شروط سجود الشكر، وتكراره
كلما مرَّ علي أمر يفرحني، أو أبعد الله عني شيئا سيئا، أسجد سجدة شكر لله -سبحانه وتعالى- لأنها سنة.
ولكني لاحظت أن هذه الأشياء تتكرر بكثرة. فمثلا كل يوم أذهب فيه لعملي أقطع مسافة طويلة، ومن الطبيعي أن أتعرض لتجاوزات خطيرة. وينجيني الله -سبحانه وتعالى- من حوادث كثيرة. وكلما تكرر هذا، سجدت سجدة شكر أثناء قيادتي للسيارة. ولكن هل كثرة سجود الشكر تخالف السنة؟ فأنا قد أسجد في بعض الأيام ثلاث سجدات شكر؟
تحياتي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسجود الشكر مشروع عند تجدد نعمة، أو اندفاع نقمة، وإن تكرر تجدد النعم أو اندفاع النقم في اليوم، فلا مانع من تكرار سجود الشكر.
وشرط ذلك كما قال الفقهاء: أن تكون نعمة ظاهرة، لا مستمرة أو عارضة، فمثلا وصولك إلى عملك بسلام أمر معتاد، فلا تسجد له للشكر.
وأما إذا نجاك الله من حادث مثلا، فحينئذ يشرع لك السجود، وإذا بشرت بولد أو نحو ذلك، شرع لك السجود.
قال البهوتي في شرح الإقناع: (وَتُسْتَحَبُّ سَجْدَةُ الشُّكْرِ عِنْدَ تَجَدُّدِ نِعْمَةٍ ظَاهِرَةٍ، أَوْ دَفْعِ نِقْمَةٍ ظَاهِرَةٍ عَامَّتَيْنِ) لَهُ، وَلِلنَّاسِ (أَوْ فِي أَمْرٍ يَخُصُّهُ نَصًّا) كَتَجَدُّدِ وَلَدٍ أَوْ مَالٍ أَوْ جَاهٍ، أَوْ نُصْرَةٍ عَلَى عَدُوٍّ؛ لِحَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إذَا أَتَاهُ أَمْرٌ يُسَرُّ بِهِ، خَرَّ سَاجِدًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ....
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ فِي النِّعْمَةِ الظُّهُورُ (فَنِعَمُ اللَّهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ لَا تُحْصَى) وَالْعُقَلَاءُ يُهَنِّئُونَ بِالسَّلَامَةِ مِن الْعَارِضِ، وَلَا يَفْعَلُونَهُ فِي كل ساعة. انتهى.
فإذا حصل لك من هذا الجنس المشروع له السجود ما يشرع له ولو أكثر من مرة، فلا حرج، وإلا فلا تسجد.
والله أعلم.