عنوان الفتوى : المبيت بالمزدلفة
قد يحدث ارتباك عند الإفاضة من عرفة فلا يتمكن بعض الحجاج من مغادرتها إلى مزدلفة حتى يطلع الفجر بل حتى تشرق الشمس، وبهذا لا يبيتون بالمزدلفة ليلة العيد، فماذا يفعلون؟
المزدلفة موضع بين عرفة ومِنى، وهى اَخر حدود الحرم المكى، وكان الحُمْسُ أى المتشددون فى الدين من العرب وهم قريش ومن أخذ مأخذها من القبائل كالأوس والخزرج وخزاعة وثقيف، يقفون بها ولا يقفون بعرفة كبقية الناس، قائلين نحن قطين الله اى جيران بيته فلا نخرج من حرمه، فأمرهم الله أن يقفوا ويفيضوا من عرفة كما قال تعالى {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} البقرة: 199، ولما أفاض النبى صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع من عرفة ووصل إلى شعب الأذاخر قبل المزدلفة نزل وتوضأ وضوءا خفيفا، فذكَّره أسامة الصلاة فقال "الصلاة أمامك " حتى أتى مزدلفة، وهى المسماة بجمع، قيل لأن آدم وحواء اجتمعا فيها فأزلف إليها، أى قرب منها، وقيل: لأنه يجمع فيها بين صلاتى المغرب والعشاء، وقيل: لأن الناس يجتمعون فيها ويزدلفون إلى الله أى يتقربون إليه بالوقوف بها، فصلى بها الرسول صلى الله عليه وسلم المغرب والعشاء قصرا ورقد بقبة ليلته متعبا، ولما طلع الفجر صلى ثم أتى المشعر الحرام وظل واقفا حتى أسفر الفجر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس. وكان صلى الله عليه وسلم قد أذن لبعض النساء بالذهاب إلى مِنى قبل الزحام ورمين جمرة العقبة قبل الفجر، يقول القسطلانى والزرقانى: اختلف السلف فى ترك المبيت بالمزدلفة، فقال علقمة والنخعى والزهرى والشعبى - وهم من التابعين -من تركه فاته الحج ويجعل إحرامه عمرة. وقال عطاء والزهرى وقتادة - من التابعين أيضا - والشافعى والكوفيون - أبو حنيفة وأصحابه -وإسحاق بن راهويه: عليه دم، ومن بات بها لم يجز له الدفع قبل مضى النصف الأول من الليل، وقال مالك البيات بها مستحب. إن مر بها فلم ينزل فعليه دم، وإن نزل ولو بقدر حط الرحل فلا دم عليه متى دفع "ج 8 ص 188 ". والنووى صحح فى زيادة الروضة وشرح المهذَّب أن المبيت بمزدلفة واجب، لو فات وجب فيه دم، وفقه كلام الرافعى والمنهاج أنه سنة لا شىء فى فواته، وكل ذلك إذا لم يكن عذر، ومنه تأخر المواصلات قياسا على ما قاله صاحب "كفاية الأخبار " فى فقه الشافعية فيمن وصل إلى عرفة ليلة النحر واشتغل بالوقوف عن المبيت بمزدلفة فلا شىء عليه. من هذا نعلم أن هناك خلافا بين الفقهاء فيمن فاته المبيت بمزدلفة، فبعض التابعين تشدد وقال: فاته الحج وأتمه عمرة، وقال بعض الأئمة: من فاته فقد فاته واجب يجبر بدم، وحجه صحيح، وقال مالك: المبيت مستحب، ومن مر لم ينزل فعليه د م. وقال بعض الفقهاء: إن المبيت سنة وليس بواجب ولا شىء فى فواته حتى لو لم يكن عذر، وعند العذر لا يجب بتركه شىء
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |