عنوان الفتوى : حكم الجلوس مع شخص لا يحب حديثه
هل من صور النفاق: أن أجلس مع ابنة عمي، وأنا لا أحب حديثها؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الكلام الذي يصدر عنها متضمنا لبعض المنكرات، فيجب عليك إنكارها عليها، ووعظها وتذكيرها.
فإن انتهت، فالحمد لله، وإلا لم يجز لك الجلوس معها، قال تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا {النساء:140}.
فإن لم تنكري عليها، بل جلست تستمعين إليها من غير نكير كأنك راضية بما تقول، فهذه نوع من المداهنة.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري، أثناء كلامه عن الفرق بين المداهنة والمداراة: المداهنة محرمة، والفرق أن المداهنة من الدهان وهو الذي يظهر على الشيء ويستر باطنه، وفسرها العلماء بأنها معاشرة الفاسق وإظهار الرضا بما هو فيه من غير إنكار عليه. اهـ.
والمداهنة من صفات أهل النفاق.
قال ابن القيم في كتاب الروح: المداراة صفة مدح، والمداهنة صفة ذم.
والفرق بينهما أن المداري يتلطف بصاحبه حتى يستخرج منه الحق، أو يرده عن الباطل. والمداهن يتلطف به؛ ليقره على باطله، ويتركه على هواه. فالمداراة لأهل الإيمان، والمداهنة لأهل النفاق. اهـ.
وإن كان الحديث من جملة ما هو مباح في الجملة، ولكنه مما لا فائدة من ورائه، فلا بأس بالجلوس معها والاستماع لحديثها. ولكن اعملي على مناصحتها، ومحاولة صرف الكلام إلى ما فيه فائدة، والأولى عدم إطالة الجلوس معها إذا استمرت في الكلام في سفساف الأمور، فإن الاستماع لمثل هذا الكلام قد يميت القلب.
والله أعلم.