عنوان الفتوى : حكم قسمة الأرض الموروثة باعتبار القيمة
توفي والدي -رحمة الله عليه- عن زوجة و7 بنات، و6 ذكور، تاركًا عقارًا، وقطعة أرض صالحة للزراعة وللبناء، حدودها (من الشرق طريق رئيسية، ومن الغرب مجرى الوادي، ومن الشمال شارع (زقاق)، ومن الجنوب الجار.
لكن هذه الأرض تتضرر من السيول أثناء موسم المطر، وتختلف الأضرار من مكان لآخر، بحيث يتضاعف هذا الضرر كلما اقتربنا من مجرى الوادي، وتواجد تلك الأماكن قرب الوادي أدى إلى الخفض من قيمتها المالية من سعر البيع.
يعني عند إقدام أي وارث بيع نصيبه من تلك الأجزاء من الأرض القريبة من مجرى الوادي ينخفض سعرها مقارنة بالأجزاء الأخرى المعزولة، والأقل ضررا، والتي هي قريبة من الطريق الرئيس.
في هذه الحالة قسمنا الأرض بالقيمة المالية بالتسعيرة المعمول بها في البلد؛ كي يتحقق العدل في التقسيم. يعني كل واحد سيحصل على نصيبه حسب موقعه من الضرر، يختلفون عن بعضهم في المساحة، لكنهم متساوون في القيمة المالية.
مثلا: ذكر نصيبه من الأرض 500 م² قيمتها المالية 1000 دينار، وأنثى نصيبها 1000 ²م قيمتها المالية 500 دينار كل على حسب موقعه في الأرض، والأكثر ضررا.
مساحة الأرض تقدر بـ 4142 ²م (38 م x 109 م)
فكان نصيب إحدى البنات ضعف نصيب الذكر، وكان هذا التقسيم مقبولا عند الجميع إلا واحدا اعترض على هذه القسمة؛ كوننا خالفنا الشرع بقول الله تعالى: للذكر مثل حظ الأنثيين.
فما قولكم مشايخنا في هذه المسألة؟ كيف تقسم هذه الأرض؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداءً: إن المسائل التي يقع فيها خلاف بين الورثة هي أحوج إلى القضاء منها إلى الإفتاء، فلا بد من رفعها إلى المحكمة الشرعية إن كانت، أو مشافهة من يصلح للقضاء من أهل العلم، ولا يمكننا البت فيها.
ومن حيث العموم؛ فإن قسمة الأرض بناء على القيمة لا على الأجزاء؛ لا حرج فيه، ما دام أن أجزاءها ليست متساوية القيمة، فتقسم بناء على القيمة، ولو ترتب عليها أن يكون نصيب الأنثى ضعف نصيب الذكر من حيث الأجزاء، ولكن نصف نصيبه من حيث القيمة، وهذه تسمى عند الفقهاء قسمة التعديل.
جاء في الموسوعة الفقهية: قِسْمَةُ التَّعْدِيل: وَهِيَ: أَنْ تُقْسَمَ الْعَيْنُ الْمُشْتَرَكَةُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، لاَ بِعَدَدِ الأْجْزَاءِ، كَأَرْضٍ مَثَلاً تَخْتَلِفُ قِيمَةُ أَجْزَائِهَا بِاخْتِلاَفِهَا فِي قُوَّةِ الإْنْبَاتِ، أَوِ الْقُرْبِ مِنَ الْمَاءِ، أَوْ بِسَقْيِ بَعْضِهَا بِالنَّهْرِ، وَبَعْضِهَا بِالنَّاضِحِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَيَكُونُ ثُلُثُهَا مَثَلاً يُسَاوِي بِالْقِيمَةِ ثُلُثَيْهَا، فَتُقْسَمُ قِسْمَةُ التَّعْدِيل. فَيُجْعَل الثُّلُثُ سَهْمًا وَالثُّلُثَانِ سَهْمًا، إِلْحَاقًا لِلتَّسَاوِي بِالْقِيمَةِ بِالتَّسَاوِي فِي الأْجْزَاءِ. اهــ.
وجاء فيها: وَإِنْ كَانَ بَيْنَ بَعْضِ أَفْرَادِ الْمَال الْمُشْتَرَكِ وَبَعْضٍ تَفَاوُتٌ بِحَيْثُ لاَ يُمْكِنُ تَعْدِيل الأْنْصِبَاءِ فِيهِ إِلاَّ بِالتَّقْوِيمِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي أَنْوَاعِ الْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ، وَكَمَا هِيَ طَبِيعَةُ الأْشْيَاءِ فِي الأْجْنَاسِ الْمُتَعَدِّدَةِ كَدَارٍ وَمَنْقُولاَتِهَا، وَضَيْعَةٍ وَمُحْتَوَيَاتِهَا، فَإِنَّهُ أَيْضًا يُعْتَبَرُ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ مُتَفَاوِتِ الأْجْزَاءِ لاَ تَتَعَدَّل الأْنْصِبَاءُ فِيهِ إِلاَّ بِتَقْوِيمِهِ، كَقِطْعَةِ أَرْضٍ زِرَاعِيَّةٍ تَخْتَلِفُ أَجْزَاؤُهَا فِي دَرَجَةِ الْخِصْبِ فَيُقَوَّمُ عِنْدَ التَّشَاحِّ ، وَيُصِيبُ كُل شَرِيكٍ مِنْ أَفْرَادِ الْمَال الْمُشْتَرَكِ مَا يُسَاوِي نَصِيبَهُ مِنَ الْقِيمَةِ كُلِّهَا، فَالَّذِي نَصِيبُهُ الثُّلُثُ مِنْ مَالٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ وَمِائَتَانِ يَأْخُذُ مِنْهُ مَا يُسَاوِي أَرْبَعَمِائَةٍ. اهــ.
وجاء فيها أيضا: فَإِذَا تَفَاوَتَ الْبِنَاءُ أَوِ الشَّجَرُ، أَوْ تَفَاوَتَتْ جَوْدَةُ الأْرْضِ وَرَدَاءَتُهَا فَلاَ يُمْكِنُ تَعْدِيل الأْنْصِبَاءِ وَتَسْوِيَةُ السِّهَامِ إِلاَّ بِوَاسِطَةِ التَّقْوِيمِ، وَإِذَنْ تَكُونُ الْقِسْمَةُ قِسْمَةَ تَعْدِيلٍ، بَل قَدْ يَحُوجُ الأْمْرُ إِلَى الاِسْتِعَانَةِ بِعِوَضٍ مِنْ خَارِجِ الْمَال الْمُشْتَرَكِ (مُعَدِّلٍ) ، يَدْفَعُهُ وَاحِدٌ مِنَ الْمُتَقَاسِمِينَ أَوْ أَكْثَرُ لِيَتَعَادَل نَصِيبُهُ مَعَ سَائِرِ الأْنْصِبَاءِ، وَقَدْ يَتَّفِقُ الْمُتَقَاسِمُونَ عَلَى ذَلِكَ دُونَ مُلْجِئٍ. اهــ.
والله أعلم.