عنوان الفتوى : الفرق بين تقبيل الحجر الأسود وتمسح المشركين بمعبوداتهم
السؤال
لماذا نسخر من النصارى(المسيحيين) عندما يتمسحون بتمثال، أو عندما يقدسون صورة، ويدَّعون أنها تنزل (تفرز) زيتا، مع أنه عندنا ناس تتمنى أنها تلمس الكعبة، أو تقبلها، وأحيانا في عيد الأضحى هناك أشخاص تصور بَثًّا مباشرا؛ للمطر في الحرم، أو عند الكعبة، مع أن هذا شيء عادي جدًّا، والمطر ينزل في أي مكان على الكوكب؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمشروع للمسلم في دينه هو تقبيل الحجر الأسود وحده، دون ما سواه من أحجار الكعبة، والمسلم إذ يفعل ذلك لا يفعله طلبا للنفع، أو دفعا للضر، وإنما يفعله تأسيا بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، واتباعا لسنته، كما قال الفاروق عمر -رضي الله عنه- وهو يقبل الحجر: إني أعلم أنك حجر، لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك. رواه البخاري. وراجع في ذلك الفتويين: 140192، 302671.
وهذا كغيره من أمور مناسك الحج والعمرة، مبناها على امتثال أمر الله تعالى؛ طلبا لثوابه، لا اعتقادا في حجر، وإلا فهناك من الأحجار ما يُقبَّل، ومنها ما يُرجم، ومنها ما يُوقف عنده، ومنها ما يُطاف حوله، وكل ذلك لا لذات الأحجار، وإنما امثالا لأمر الله تعالى.
فأين هذا ممن يتمسح بصورة تبرُّكًا، واستجلابًا للنفع والخير، واستدفاعًا للضر والشر، بل أين هذا ممن يعبد الصور، فيسجد لها، أو يركع، ويخشع، ويدعوها من دون الله تعالى؟!
فالفرق بينهما؛ كالفرق بين التوحيد والشرك. وانظر الفتوى: 180527.
ومع ذلك نقول: لو فعل المسلم شيئا يضاهي فيه فعل النصارى، أو غيرهم من المشركين، فقد ضل سواء السبيل، واستحق الذم على فعله الذي خالف فيه شريعة الإسلام، وهدي نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-.
وأما تصوير المسلم للأمطار في الحرم، أو عند الكعبة، فهذا شيء يفعله من يفعله من تلقاء نفسه، لا اتباعا لسنة، أو امتثالا لشرع، فهو من أفعال العادة لا العبادة.
ومن اعتقد أن ذلك خارق للعادة، فهذا من جهله هو، ومع ذلك فهو يصور أمرا واقعا لا غرابة فيه، فأين هذا ممن يعتقد أن صورة جامدة تفرز الزيت المبارك؟! ولا يكتفي بهذا السخف، حتى يجعل ذلك دليلا على صحة عبادته لغير الله تعالى! فهذا هو الأمر الذي لا يقره دين، ولا يقبله عقل! ولاسيما وهذه الدعاوى الزائفة لا تخرج من عوام الناس وجهالهم، وإنما تخرج من خاصتهم، ورجال كنيستهم، القائمين على أمر دينهم.
والله أعلم.