عنوان الفتوى : هل ينتفع بإهاب الميتة وعصبها؟
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الانتفاع بالإهاب والعصب فما المقصود بالعصب، وهل المقصود هو العصب فقط أم يشمل باقي أجزاء الميتة ثم كيف يمكن التوفيق بين هذا الحديث وحديث إنما حرم من الميتة أكلها
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث الدال على منع الانتفاع بالإهاب والعصب رواه أحمد والنسائي والترمذي وغيرهم، ولفظ الترمذي: لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب. قال الترمذي: حديث حسن، وصححه الألباني رحمه الله.
والمعصب كما قال ابن منظر في اللسان: عصب الإنسان والدابة، والأعصاب أطناب المفاصل التي تلائم بينها وتشدها. ا.هـ
ولمعرفة حكم جلد الميتة راجع الفتوى رقم: 172، والعلماء متفقون على نجاسة جميع الميتة في الجملة، لكنهم اختلفوا في نجاسة لبنها وعظمها وسنها وعصبها وقرنها وظفرها وشعرها، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11745،14375،35836،11431.
أما عن الجمع بين الحديث المذكور أعلاه وبين حديث: إنما حرم أكلها، الذي رواه البخاري، فقد سلك العلماء فيه طرقاً، فمنهم من أسقط الحديث الناهي عن الانتفاع بالميتة، ومن هؤلاء أحمد بن حنبل رحمه الله، قال الترمذي: كان أحمد يذهب إليه ويقول: هذا آخر الأمر، ثم تركه لما اضطربوا في إسناده. ا.هـ
ومنهم من قدم عليه الأحاديث الصحيحة لأنها أقوى منه سنداً، قال ابن حجر في الفتح: وأقوى ما تمسك به من لم يأخذ بظاهره معارضة الأحاديث الصحيحة له، وأنها عن سماع، وهذا عن كتابة، وأنها أصح مخارج. ا.هـ
ومنهم من ذهب إلى الجمع بين الحديثين، قال ابن حجر في الفتح: وأقوى من ذلك الجمع بين الحديثين بحمل الإهاب على الجلد قبل الدباغ، وأنه بعد الدباغ لا يسمى إهاباً، إنما يسمى قربة وغير ذلك، وقد نقل ذلك عن أئمة اللغة كالنضر بن شميل، وهذه طريقة ابن شاهين وابن عبد البر والبيهقي. ا.هـ
وكلام ابن حجر الأخير هو الأوجه نظراً لصحة الحديثين، وإعمال الأدلة المتعارضة في الظاهر أولى من إهمال بعضها، فالقاعدة أن "إعمال الكلام أولى من إهماله" .ا.هـ
من المنثور في القواعد الزركشية، وزاد ابن نجيم في النظائر: متى أمكن فإن لم يمكن أهمل. ا.هـ
والله أعلم.