عنوان الفتوى : هل يصح الخلع في عدة الطلاق الرجعي؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

إذا طلق الرجل امرأته طلقة رجعية وأرادت في عدتها خلعه، فهل يجوز لها الخلع؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

أولا:

حرص الإسلام على استقرار الأسرة ، والعلاقات الاجتماعية ، ولذلك حرم على المرأة أن تطلب الطلاق أو الخلع إلا لعذر شرعي يبيح ذلك ، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم التشديد فيمن طلبت الطلاق أو الخلع بغير عذر شرعي .

روى أبو داود (2226)، والترمذي (1187)، وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة  صححه الألباني في "صحيح أبي داود".

وينظر لبيان بعض أعذار الخلع جواب السؤال رقم: (117185 )، (1859 ).

ثانيا :

اتفق العلماء – إلا قولا منقولا عن الإمام الشافعي، لم يأخذ به أكثر أتباعه- على أن الخُلع يصح في عدة الطلاق الرجعي ، وذلك لأن الرجعية زوجة ، فلها حكم الزوجات، إلا مسائل يسيرة استثناها بعض العلماء ، وليس فيها الخلع .

وتستفيد المرأة من هذا الخلع: أنها تملك أمرها، فتمنع الزوج عن مراجعتها ما دامت في العدة .

وهذه أقوال علماء المذاهب الفقهية الأربعة في ذلك:

قال ابن عابدين الحنفي في حاشيته (3/339):

"لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى مَالٍ، أَوْ خَلَعَهَا، بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ: يَصِحُّ" انتهى.

وقال الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (4/21):

"الْعِوَضُ (المال) الَّذِي تَدْفَعُهُ الْمَرْأَةُ فِي الْخُلْعِ: إنَّمَا هُوَ عِوَضٌ عَنْ انْحِلَالِ الْعِصْمَةِ ، فَإِذَا ثَبَتَ بَعْدَ الْخُلْعِ أَنَّهَا كَانَتْ مُطَلَّقَةً قَبْلَ الْخُلْعِ طَلَاقًا بَائِنًا: فَإِنَّهَا تَرْجِعُ فِيمَا دَفَعَتْهُ إلَيْهِ ، لِأَنَّ الْخُلْعَ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا .

بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَالْعِدَّةُ لَمْ تَنْقَضِ، فَإِنَّهَا لَا تَرْجِعُ فِي الْعِوَضِ، لِأَنَّ الْخُلْعَ صَادَفَ مَحَلًّا؛ لِمِلْكِ الزَّوْجِ عِصْمَتَهَا، وَلُحُوقِ طَلَاقِهِ لَهَا؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ" انتهى.

وقال تقي الدين الحصني الشافعي في "كفاية الأخيار" (2/114):

"الرجعية زوجة ، يلحقها الطلاق قطعاً، ويصح خلعها على الأظهر" انتهى .

وقال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله:

"وَالرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ، يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ، وَظِهَارُهُ، وَإِيلَاؤُهُ، وَلِعَانُهُ، وَيَرِثُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، بِالْإِجْمَاعِ.

وَإِنْ خَالَعَهَا: صَحَّ خُلْعُهُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: لَا يَصِحُّ".

ثم استدل على صحة قول الجمهور بقوله:

" ولنا: أَنَّهَا زَوْجَةٌ صَحَّ طَلَاقُهَا، فَصَحَّ خُلْعُهَا، كَمَا قَبْلَ الطَّلَاقِ.

وَلَيْسَ مَقْصُودُ الْخُلْعِ التَّحْرِيمَ، بَلْ الْخَلَاصَ مِنْ مَضَرَّةِ الزَّوْجِ وَنِكَاحِهِ الَّذِي هُوَ سَبَبُهَا ، وَالنِّكَاحُ بَاقٍ ، وَلَا نَأْمَنُ رَجْعَتَهُ" انتهى من "المغني" (10/554).

فتبين بذلك أن الخلع يصح في عدة الطلاق الرجعي، عند جماهير العلماء، وأن الخلاف فيه ضعيف.

والله أعلم.