عنوان الفتوى : ما حكم قول: "لن يتعامل فلان معي إلا بالمكتوب"؟ وما قول الجبرية؟
السؤال
أنا خريج كلية الشريعة -ولله الحمد-، وعندي سؤال حيّرني يتعلق باعتقاد بعض الجمل في النفس، من باب تهوين الأمور الدنيوية قدر المستطاع، وقد جربتها فعلًا، فأصبحت أسعد من ذي قبل، وأكثر حيوية وراحة ونشاطًا، ولا ألتفت إلى ما حصل من سوء، وأنا أعرف أركان القدر الأربعة، وأؤمن بها -ولله الحمد والمنة-، فما حكم ترديد الجمل التالية في النفس، واستشعارها في النفس: (لن يتعامل فلان معي إلا بالمكتوب في اللوح، ولن يظنوا فيّ ظنًّا إلا المكتوب، ولن يحدقوا فيّ إلا بالمكتوب، ولن يقولوا لي شيئًا إلا المكتوب، ولن يفعلوا إلا المكتوب، ولا يستطيعون فعل غير المكتوب)؟ وهل هذه الجمل محرمة، بحيث تدل على أن الناس مسيّرون، واستذكارها في النفس هو اتّباع لقول الجبرية؟ وما قول الجبرية باختصار؛ حتى لا أقع فيه؟ وعندما أقولها أستشعر أن الشخص الذي أمامي لن يستطيع أن يؤذيني، أو يسبني، أو يسيء معاملتي، إلا كما كتب الله، ولن يستطيع فعل أكثر مما كتب ولا أقل، وأؤمن أن الناس مخيّرون، ولكن ما أستشعره أنه لن يفعل أحد إلا المكتوب، فهل هذا الاستشعار فيه إثم أو ذنب؟ أرجو أن تكون إجابتكم واضحة -جزاكم الله خيرًا-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس اعتقادك ما ذكرت، وترديدك تلك الكلمات في نفسك أمرًا محرمًا، وليس هو من عقيدة الجبرية في شيء، بل إن الاعتقاد الصحيح أنه لا يكون إلا ما قدّره الله وقضاه، ولا يحصل إلا ما جرى به القلم، مع اعتقادهم أن الإنسان مسؤول عن فعله الذي فعله بمشيئته واختياره بما خلق الله له من القدرة على الفعل والاختيار؛ فمشيئة العبد لا تتنافى مع مشيئة الرب، ومع أن كل شيء مقدر أزلًا.
وأما الجبرية فينفون مشيئة العبد، ويعتقدون أنهم مجبورون على أفعالهم، وأنه لا اختيار ولا قدرة لهم بها تقع أفعالهم، وراجع الفتوى: 416467، والفتوى: 153849.
والله أعلم.