عنوان الفتوى : تذكر المودة والرحمة بين الزوجين عند المشكلات

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

أنا متزوج من امرأتين، عندى مشكلة مع زوجتي الثانية، وهى تطلب الطلاق الآن، حيث إنها تغار أنني رجعت إلي بيت أولادى من زوجتي الأولى، وأبيت معهم بعض الأيام، بالإضافة إلى أنها تطلب مالا بشكل أكثر، وقامت زوجتي الثانية برفع قضيه ضدي في مصر، تطلب نفقة، وأخذت حكما بنفقة كبيرة، عشرة آلاف جنيه في الشهر، وتريد أن تستقطع هذا المبلغ من مرتبي، وأنا تعبت نفسيًا منها، ومن العمل، ولا أستطيع أن أذهب إلي العمل منذ أربعة أشهر، وعندى الآن خمسين عاما، وأفكر أن أغير العمل، وأنا تركت بيتي الثاني بعد أن اشتريته بالقسط بمبلغ كبير، وأقيم عند أمي، وأذهب إلى بيتي الأول بعض الأيام، وحدثت مشكلة أنني أخذت زوجتي الأولى لبيتي الثاني؛ لكى أكيد زوجتي الثانية، وحدثت مشاجرة بينهم، وأبلغلت زوجتي الثانية قسم الشرطة، وتم الحكم علي بالحبس، وما زلت ألجأ إلى الاستئناف للدفاع عن نفسي، وأريد أن تساعدوني، ماذا أفعل مع زوجتي الثانية، وعندى منها بنتان صغيرتان، برجاء أشيروا علي ماذا أفعل، لكى أعيش عيشة طيبة؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله.

أولًا:

لما تحدث الله سبحانه عن الزواج قال: وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً الروم/21.

قال الإمام الألوسي في تفسيره "روح المعاني" (11/32): "أي جعل بينكم بالزواج الذي شرعه لكم توادًّا وتراحمًا، من غير أن يكون بينكم سابقة معرفة، ولا رابطةٌ مصحِّحةٌ للتعاطف من قرابةٍ أو رحم، فالمودّة والرحمة من الله تعالى، والفرْك وهو بغض أحد الزوجين للآخر من الشيطان.

وقال ابن كثير في تفسيره (3/429): "ثم من تمام رحمته ببني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم، وجعل بينهم وبينهنّ مودّة هي المحبة ورحمة وهي الرأفة، فإن الرجل يمسك المرأة إما لمحبته لها أو لرحمته بها بأن يكون له منها الولد، أو محتاجة إليه في الإنفاق، أو للألفة بينهما".

وقال البغوّي في تفسيره معالم التنزيل (6/266): "جعل بين الزوجين المودة والرحمة؛ فهما يتوادّان ويتراحمان، وما شيء أحب إلى أحدهما من الآخر من غير رحم بينهما".

ثانيًا:

إذا اتضح ذلك، فإن وصول العلاقة بينكما إلى هذه الدرجة المتطرفة من التنازع والتقاضي واستدعاء الشرطة والحبس وأنت في هذه السن؛ كل ذلك لا يتناسب على الإطلاق مع طبيعة المودة والرحمة التي يفترض أن يكون عليها الزواج.

والرأي عندنا أن يتوسط بعض العقلاء بينك وبين زوجتك، من أجل محاولات الإصلاح وإيقاف هذه التصرفات القانونية التي لا يضمن عدلها ونزاهتها، ولا تضمن موافقتها للشرع، وليكن بينكما وسطاء مرضيون، من أهلك وأهلها، كما أرشد الله تعالى في كتابه: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا النساء/35 .

فإن استنفذت طرق الإصلاح، وظهر لك استحالة العشرة بينكما، فإن الله يقول: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا النساء/130.

قال الطاهر ابن عاشور في "التحرير والتنوير"(4/270): "هذا حكم اختلال المعاشرة بين الزوجين..

وفي قوله يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ: إشارة إلى أن الفراق قد يكون خيرا لهما، لأن الفراق خير من سوء المعاشرة.

ومعنى إغناء الله كلا: إغناؤه عن الآخر. وفي الآية إشارة إلى أن إغناء الله كلا، إنما يكون عن الفراق المسبوق بالسعي في الصلح".

وللفائدة ينظر جواب هذا السؤال: (181044)

والله أعلم.