عنوان الفتوى : تجديد الوضوء بين المشروعية وعدمها
السؤال
ما حكم كثرة التوضؤ لفضل الدعاء المأثور بعد الوضوء، لا لأجل صلاة أو ما شابه، وإنما بنية التطهر من الذنوب دومًا، ولأن الله عز وجل يحب التوابين والمتطهرين؟ مع العلم أنه يخرج مني ريح باستمرار، ولكني أتوضأ بعد حتى أكون دائمًا على طهارة، قد يصل عدد مرات الوضوء في اليوم إلى 20 أو 30 مرة، وكل ما زاد عدد مرات الوضوء، أصبح -في اعتقادي- أفضل؛ لأن "المتطهرين" يعني كثير التطهر والتوضؤ، فهل هذا الاعتقاد سليم؟ وهل التبذير في عدد مرات الوضوء في اليوم والليلة مكروه؟ جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت كلما أحدثت توضأت لتبقى على طهارة دائمًا؛ فإن هذا فعل حسن، ويرجى لك به أن تكون من المتطهرين الذين أثنى عليهم الله تعالى، قال الألباني في بيان بعض المواضع التي يستحب لها الوضوء:
1- الوضوء عند كل حدث؛ لحديث بريدة بن الحصيب قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا، فدعا بلالًا، فقال: "يا بلال، بم سبقتني إلى الجنة؟ إني دخلت البارحة الجنة، فسمعت خشخشتك أمامي؟"، فقال بلال: يا رسول الله، ما أذنت قط إلا صليت ركعتين، ولا أصابني حدث قط إلا توضأت عنده. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لهذا". رواه الترمذي، والحاكم، وابن خزيمة في "صحيحه"، وإسناده صحيح على شرط مسلم. انتهى.
وإذا علمت هذا؛ فوضوؤك لكل حدث ليس إسرافًا، مهما تكرر ذلك.
وأما تجديد الوضوء، فإنه مستحب إذا صليت بالوضوء الأول صلاة، ولو مستحبة، قال الشربيني في مغني المحتاج: (ولا يسن تجديده) أي الغسل؛ لأنه لم ينقل، ولما فيه من المشقة (بخلاف الوضوء)، فيسن تجديده إذا صلى بالأول صلاة ما، كما قاله المصنف في باب النذر من زوائد الروضة، وشرح المهذب، والتحقيق. وظاهره أنه لا فرق بين تحية المسجد وسنة الوضوء وغيرهما. انتهى.
وفي غير هذه الأحوال فلا يستحب الوضوء؛ فمن توضأ ثم توضأ قبل أن يصلي بوضوئه، كان ذلك غير مشروع.
والله أعلم.