عنوان الفتوى : استحباب الوضوء عند كل صلاة
مرة شاهدت برنامجا قال إن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى خمس صلوات بوضوء واحد، فصرت أحافظ على وضوئي لأكثر من صلاة وأصلي، فزار أحد الجران صديقتي وأنا عندها، وعندما أكملت صلاة المغرب وجدته فحاولت التخفي، لأنني أردت المحافظة على الوضوء وحين علم بما فعلته من صديقتي ووالدتها حاول أن يحاججني حتى يقنعني بأن أكرر الوضوء لكل صلاة، فلم أقتنع بكلامه لشيء واحد وهو أنني لا أريد أن أعيد الوضوء بسبب حديثي معه، فأنا كلما فسد وضوئي أعدته، وفي تلك المرة أصررت على المحافظة على وضوئي، فأنا في غير بيتي وأستحيي من دخول الحمام أكثر من مرة، وفي بيتي لا أكرر الوضوء إلا إذا فسد، لأنني موسوسة ولا أفعل شيئا إلا عندما أتأكد منه، وأعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى أكثر من صلاة بوضوء واحد وأظن أنني قلت له خمس صلوات، وكان في قلبي من التردد ما كان وخفت أن أقول على الرسول صلى الله عليه وسلم ما لم يقله، فهل أتبوأ مقعدي من النار؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرتِه من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصلوات الخمس بوضوء واحد صحيح، وكان ذلك عام الفتح، إلا أن السنة هي تجديد الوضوء عند كل صلاة، ولكن لا يجب الوضوء للصلاة إذا كان القائم لها على وضوء، ففي صحيح مسلم من حديث بريدة ـ رضي الله عنه ـ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة، فلما كان يوم الفتح توضأ، ومسح على خفيه، وصلى الصلوات بوضوء واحد، فقال له عمر: يا رسول الله؛ إنك فعلت شيئاً لم تكن تفعله، فقال: عمداً فعلته يا عمر.
وروى البخاري عَنْ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، قُلْتُ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ قَالَ: يُجْزِئُ أَحَدَنَا الْوُضُوءُ مَا لَمْ يُحْدِثْ.
وقد قال ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ في التمهيد: الوضوء للصلاة ليس بواجب على القائم إليها إذا كان على وضوء، وأن دخول الوقت وحضور الصلاة لا يوجبان على من لم يحدث وضوءا، وعلماء المسلمين متفقون على ذلك. انتهى.
واعلمي أن الوهم في نقل حديث النبي صلى الله عليه وسلم دون قصد يقع لكثير من الناس وحتى للمحدثين، وربما وقع لبعض الحفاظ، فلا يعد كذبا على النبي صلى الله عليه وسلم، لعدم تعمدهم له، لقوله صلى الله عليه وسلم: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. متفق عليه.
وواضح من سؤالك هذا ومن أسئلتك السابقة أنك تعانين من تسلط الشيطان عليك بالوساوس، وسبب ذلك هو استرسالك مع الوساوس واستسلامك لها وعدم مجاهدتك نفسك في تركها والإعراض عنها، وقد بينا مرارا وتكرارا أن أفضل علاج للوساوس بعد الاستعانة بالله هو الإعراض عنها وعدم الاكتراث بها ولا الالتفات إلى شيء منها، وانظري الفتويين رقم: 51601 ورقم: 134196.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 106857.
والله أعلم.