عنوان الفتوى : الرد على شبهة وضع اليدين في الصلاة مشابه للأصنام!
أنا مسلمة، لدي شبهة حول ما يسمى بوضع اليدين أو التكتف، لماذا وضع اليدين في الصلاة شبيه بالأصنام، التي تُرى عادةً واضعة أياديها على صدرها؟ نفس الشيء للنصارى و اليهود الذين يتكتفون، فما تفسير ذلك؟ وكيف تردون على من يجزم أن التكتف بدعة؟
الحمد لله.
أولًا:
الدين الحق الذي أوحى الله به لأنبيائه منذ نزول آدم على الأرض؛ سابق لهذه الديانات كلها، ولهذه الأوثان كلها، وما من حضارة أو أمة من هذه الديانات والأمم إلا وأرسل إليها نبي، أو كان فيها بقايا دعوة نبي مصداقًا لقوله سبحانه: {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ{ فاطر/24.
فالأقرب من الناحية المنطقية أن هذه الوضعيات مأخوذة من بقايا دين حق، أوحى الله به لهذه الأمم، وبالتالي فالإسلام هو امتداد لرسالات الأنبياء، وهو الرسالة الخاتمة للوحي الإلهي الذي أوحى الله به للأنبياء ليبلغوه للأمم عبر القرون.
وحينها فالتشابهات بين الإسلام والديانات، هو في الحقيقة نتاج وجود مصدر إلهي واحد ومشترك بينها، ولذلك يوجد توافقات بين الإسلام وكتاب اليهود والنصارى المقدس رغم تحريفه، لأنه رغم التحريف توجد فيه بقايا من الدين الحق، ويوجد مصدر إلهي واحد لهذه البقايا من الدين الحق وللإسلام، وهذا المصدر الإلهي هو سبب وجود هذه التشابهات.
والله سبحانه لم يرسل نبينا محمد عليه الصلاة والسلام برسالة منفصمة ومنفصلة عن رسالات الأنبياء، بل رسالة نبينا مكملة ومتممة ومهيمنة على الرسالات السابقة، وليست منفصلة عنها، فالتشابه في الحقيقة - إن وجد - هو بين الإسلام، وبين بقايا الحق من الديانات السابقة عليه، وليس بين الإسلام والأجزاء الوثنية المحرفة من تلك الأديان.
ثانيًا:
اختلف الفقهاء في موضع اليدين أثناء القيام في الصلاة؛ لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث وائل بن حجر قال: "ثم وضع يمينه على يسراه على صدره" أخرجه الطبراني في "الكبير" (22/49-51)، وابن عدي في الكامل(6/2166)، ومن حديث المهلب الطائي قال: "ورأيته يضع هذه على صدره" أخرجه أحمد(21967) عن يحيى بن سعيد القطان عن سفيان ثني سماك عن قبيصة بن هلب عن أبيه، وصحح الحديث الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (4/206) لشواهده.
لكن حكم عليه غيره من أهل العلم بالنكارة، فقد روى الحديث محمد بن بشار عن يحى فلم يقل: على صدره. أخرجه الطوسي في "مختصر الأحكام" (234)، وهكذا رواه غير واحد عن سفيان فلم يقولوا: "على صدره"، منهم: عبد الرزاق(2307)، ووكيع: أخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده" (2494)، وابن مهدي: أخرجه الدارقطني (1/285) وغيرهم، ولذلك حكم عليه بعض أهل العلم بالنكارة.
ومن هنا اختلف العلماء في موضع اليدين: هل هو على الصدر؟ أم على السرة، أم تحت السرة؟ أم الأمر واسع في ذلك كله، كما نص عليه الإمام أحمد؟
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (59957)، ورقم: (65597).
بالتالي فليس هناك وضعية ثابتة بيقين لليدين.
وهذا الاختلاف نفسه: دليل على أصالة موضع اليدين في الإسلام، وأن الإسلام لم يتعمد مشابهة ديانة سابقة فلو كان تعمد ذلك لكان وضع اليدين اتفاقيًا لا خلاف فيه.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (427667).
والله أعلم.