عنوان الفتوى : الوقف يلزم بلفظ الكناية إذا صاحبته النية
السلام عليكم قلت لأحدهم إني سأعطيك مصحفا جديداً من عندي تأخذه إلى المسجد، ثم تراجعت عن ذلك، فهل إذا قرأت فيه في البيت أكون آثما ولا يكون لي الأجر على ذلك لأني تراجعت عن إعطائه للمسجد؟ جزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإذا كان قولك لصاحبك سأعطيك مصحفاً للمسجد هو مجرد وعد، فالوفاء بالوعد مستحب عند جماهير العلماء لعموم، الآيات والأخبار الدالة على الوفاء، وحسن عاقبته. أما إذا كان قصدك بذلك أنك قد أوقفت هذا المصحف للمسجد بالفعل، فالواجب عليك هو الوفاء بذلك لأن هذ اللفظ كناية، والوقف يلزم بالكناية إذا صاحبتها نية الوقف ، قال ابن قدامة في المغني وهو يتكلم على انعقاد الوقف بالكناية مع النية: الثالث أن ينوي الوقف، فيكون على ما نوى، إلا أن النية تجعله وقفاً في الباطن دون الظاهر، لعدم الاطلاع على ما في الضمائر، فإن اعترف بما نواه لزم في الحكم لظهوره، وإن قال: ما أردت الوقف، فالقول قوله، لأنه أعلم بما نوى. انتهى. فدل هذا على أن الوقف يلزم بالتعيين وقال في الفواكه الدواني -وهو مالكي-: ولا تتوقف صحته على حكم حاكم. انتهى. وقال أيضاً: فهي قاصرة على ما جعلها المحبِّس عليه بمجرد التلفظ بالصيغة. انتهى. وقال في مجمع الأنهر -وهو حنفي-: يلزم -يعني الوقف- ويزول ملكه بمجرد قوله: وقفت داري هذه مثلاً، ولا يحتاج إلى القضاء ولا إلى التسليم، عند أبي يوسف، وهو قول الأئمة الثلاثة. انتهى. وقال في الغرر البهية -وهو شافعي-: والوقف عقد لازم فلا يصح الرجوع عنه، ولا يتوقف على حكم حاكم، ولا على تسليمه إلى الموقوف عليه كالعتق. انتهى، وبناء على هذا فإن الإثم يلحقك إذا حبست ما أوقفت عن أهل استحقاقه، ويجب عليك الوفاء به عاجلاً إذا كان ماصدر منك قد صدر مصحوبا بنية أنه وقف منجز. والله أعلم.