عنوان الفتوى : المحرم سماع الموسيقى لا مجرد الاستماع
السؤال
أعيش مع والدي، وهما لا يسمعان جيدا؛ لذلك يشغلان التلفاز بصوت قوي، وبرامجه تحتوي على موسيقى. أسمعها ولو أغلقت باب غرفتي.
ما الحكم في ذلك؟
وما حكم تناول الطعام معهما، ولعب لعبة السكرابل في حالة تشغيل التلفاز، مع العلم أني إن لم ألعب، فلن أمضي معهما إلاَّ القليل من الوقت، وهذا يؤسفهما. وإن استعملت سدادات الأذن. فهل يغير هذا أي شيء؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزادك الله حرصا على بر والديك، ورغبة في ذلك، وننصحك بأن تحسن إليهما ما أمكنك، وتجلس معهما أطول وقت ممكن. وليس من المعقول أنهما يشغلان الموسيقى طيلة الوقت، فاجلس معهما في الأوقات التي لا يشغلان فيها الموسيقى.
وانصحهما، وبين لهما بلين ورفق أن سماع الموسيقى محرم، ولا تجلس معهما حيث تعرض، أو تسمع تلك المنكرات؛ لقوله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ {النساء:140}.
وأما وصول الصوت لك في غرفتك، فلا تأثم به، ولا يضرك ما لم تقصد سماع المنكر.
قال ابن حجر المكي -رحمه الله-: ومنها: أنَّ الممنوع إنما هو الاستِماع، لا مجرَّد السَّماع، لا عن قصد وإصغاء، وقد صرَّح أصْحابنا بأنَّه لو كان فِي جواره شيءٌ من الملاهي المحرَّمة، ولا يمكنه إزالتها، لا يلزَمه النقلة، ولا يأثَم بسَماعها لا عن قصدٍ. وصرَّحوا هاهنا بأنَّه إنما يأثَم بالاستماع، لا بالسماع. انتهى.
وأما مجالستك لهما ومحاولة الاشتغال باللعب، أو وضع سدادات في أذنيك، فإنه لا فائدة فيه؛ لكونك لا تتمكن من سماع كلامهما ومحاورتهما مع الإقرار على المنكر. فنرى أن هذا لا ينبغي إلا إذا دعت إليه حاجة، فإن دعت إلى جلوسك حاجة ونهيتهما فلم ينتهيا، فنرجو ألا إثم عليك إذا فعلت شيئا مما ذكر؛ لأن المحرم هو سماع المنكر وقد تجنبته.
فقد جاء في المبدع لابن مفلح -رحمه الله-: وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فِي الدَّعْوَةِ مُنْكَرًا كَالزَّمْرِ وَالْخَمْرِ، وَأَمْكَنَهُ الْإِنْكَارُ، حَضَرَ وَأَنْكَرَ ؛ .......... وَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَلَمْ يَرَهُ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ، فَلَهُ الْجُلُوسُ؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ رُؤْيَةُ الْمُنْكَرِ وَسَمَاعِهِ، وَلَم يُوجَدُ وَاحِدٌ مِنْهَا. انتهى.
والله أعلم.