عنوان الفتوى : لماذا يعتذر الموقع عن أسئلة الوسواس القهري؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنتم تقولون: إن أهداف الموقع هي: 1- نشر الإسلام والدعوة إليه. 2- نشر العلم الشرعي، ورفع الجهل عن المسلمين. 3- تلبية حاجة الناس بتقديم الاستشارات والإجابات الشرعية المؤصلة. 4- رد شبهات المشككين عن الإسلام. 5- توجيه الناس في القضايا الحياتية بتقديم الاستشارات العلمية، والتربوية، والاجتماعية، وغيرها. أنتم لا تنفذون الفقرة الخامسة، فأنا للاسف مبتلى بالوسواس الديني، وأنتم في كل سؤال ـ تقريباـ نعتذر عن عدم الرد؛ لكثرة ما يأتينا من أسئلة عن الوسوسة. السؤال هو: إلى من يتوجه إليه الموسوس بالسؤال؟ المبتلون بالوسواس هم مسلمون، ومن المجتمع الإسلامي، فماذا يفعلون ؟ وحضراتكم أدخلتم موضوع الاستشفاء بالقرآن على أنه من أمور الدنيا، حتى لم تفرقوا في كلامكم بين الشفاء من الأمراض الشيطانية، أو الأمراض العضوية إذن كيف يتعالج المسلم؟ أليس القرآن شفاء لكل داء؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله.

أولًا:

ما تفضلتَ به من مراجعتك لنا في سلوكنا، وعرضك هذا السلوك على أهداف الموقع، هو من النصيحة التي نشكرك عليها، ومثل هذا النصح مرحب به في أي وقت.

 ثانيًا:

المشكلات النفسية والاجتماعية مشكلات معقدة، بمعنى أنه تتداخل في حلها عدة عوامل، والتوجيه من خلالنا ما هو إلا عامل من هذه العوامل، ومن المهم مراعاة هذا؛ فلو كان ثمَّ رجل يعاني من مشكلة طبية أو قانونية، فلا شك أن دورنا في هذا محدود، وأن طلب المساعدة الطبية والقانونية في محيطه، هو العامل الأهم بالنسبة له، والأكثر تأثيرا وإيجابية في حالته.

وبدورنا: لن نتأخر، إن شاء الله، عن المساعدة في حل مشكلته بحسب ما يمكننا توجيهه فيها، وبحدود استطاعتنا، وطاقتنا. والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ثالثًا:

المرض النفسي مثله مثل المرض الجسدي، يحتاج إلى مساعدة متخصصة، بالعلاج الدوائي تارة، وتارة أخرى بالعلاج بتكنيكات ومدارس العلاج النفسي، القائم على الحوار مع المريض وتدريبه، وتعليمه، ويدخل في ذلك تكنيكات العلاج المعرفي السلوكي على سبيل المثال.

والقرآن عامل معهم في الشفاء، سواء من الأمراض الجسدية، أو من الأمراض النفسية؛ إلا أن الأفضل للناس عامةً هو الجمع بين التداوي بالقرآن، وبين طلب الدواء من الأطباء، سواء في ذلك أمراض الجسد، أو أمراض النفس.

فعَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ، فَسَلَّمْتُ، ثُمَّ قَعَدْتُ، فَجَاءَ الْأَعْرَابُ مِنْ هَا هُنَا، وَهَا هُنَا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَتَدَاوَى؟ فَقَالَ: تَدَاوَوْا؛ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً، إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ؛ الْهَرَمُ أخرجه أبو داود (3855)، وصححه الألباني.

رابعًا:

مرض الوسواس القهري تحديدًا، بعض أعراضه تظهر في صورة توجيه الأسئلة، وانتظار الإجابات، ثم تلقيها، ثم الشعور بالراحة المؤقتة، ثم تكرار العملية بتوجيه الأسئلة، وانتظار الإجابات وتلقيها، ثم الشعور بالراحة المؤقتة، وهكذا. وهو شيء يشبه الشعور بالحكة، فالقيام بالحك، ثم الراحة المؤقتة، ثم بعدها: الشعور بالحاجة إلى الحكة؛ فتكرار الحك، وهكذا.

والاستجابة لمريض الوسواس القهري بإجابة أسئلته، هو في الواقع يُغذِّي المرض لديه، ولا يكاد يساعده على التعافي، وإلا، ففي موقعنا، كما في كثير من المواقع المشابهة، والمواقع الخاصة بالطب النفسي، أو الاستشارات النفسية: سوف يجد القارئ كما كبيرا من الأجوبة، تغطي في الغالب المحاور الرئيسية لما يحتاج مريض الوسواس أن يسأل عنه ؛ لكن يكمن الإشكال في أن معظم الأسئلة إنما تأتي ممن يغلب على الظن أنهم ليسوا في طريق التعافي، وأنهم فقط يقومون بعملية الحكة السابق شرحها، بدليل أن أسئلتهم مكررة، لا تكاد تختلف في جوهرها!!

وبكل حال؛ فلا السؤال، ولا جوابه، وحدهما كافيان للأخذ بيد مريض الوسواس نحو التعافي؛ فمرض الوسواس القهري مرض مزمن وعنيد ومراوغ، ولا بد للمريض به أن يكون واعيًا بهذا، وأن يسلك مختلف طرق التعافي، وهو يتطلب منه في الغالب أن يعرض نفسه على أخصائي نفسي، وأن يجمع بين العلاج الدوائي [العقاقير المعروفة لعلاج هذا المرض، بالنسبة التي يراها طبيبه المعالج ملائمة له]، مع العلاج المعرفي السلوكي، مع ذلك، وفوق ذلك: استعانته بالله عز وجل، والمداومة على ذكره، وتلاوة كتابه الكريم.

وننصح هنا للوعي بالمرض، بقراءة كتاب: "البندول" للدكتور محمد الشامي، نشر: دار الحضارة.

خامسًا:

بجوار العلاج القرآني، وطلب العلاج الطبي المتخصص بالدواء وأنواع العلاج غير الدواء، وبالإضافة للقراءة التثقيفية في الكتاب الذي ذكرناه، أو ما يشابهه؛ يمكن تحديد نطاق الوسوسة من الناحية المعرفية، في أي تخصص معرفي هو، وفي أي حقل من حقول المعرفة الدينية، ويمكن الاهتمام بتعلم أساسيات هذا الحقل المعرفي، وقراءة بعض الكتب فيه، بحيث يتكون لديك محصول معرفي يساعدك على التعامل مع أسئلتك، بشكل أكثر كفاءة من عملية السؤال والجواب التي تثير المرض بشكل كبير، ولا تساعد على التعافي؛ فبإمكانك عبر ذلك التحصيل، والتأمل الذاتي، أن ترد هذه الأسئلة عن نفسك، وتوقف "يديك" عن الحكة .. المؤذية!!

وانظر جواب السؤال رقم: (318864)، والسؤال رقم (301128)، والسؤال رقم: (81973).

والله أعلم.