عنوان الفتوى : هل تترك العلاج النفسي وتكتفي بالرقية ولو ساءت حالتها ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أختي أصيبت بفصام استحال علاجه ، وهي فاقدة لعقلها منذ ما يزيد على العشرين عاما ، وتأخذ علاجا إن تركته زادت حالتها سوءاً ، وقد كان لأهلي شكوك بأن ما حصل لها بسبب عين أو سحر ، فذهبوا بها للعديد من المشايخ والقراء ، وقد قالوا : بأن حالتها لا علاج لها ، وما حصل لها بسبب عين أصابتها ـ والحمدالله على كل حال ـ ، الآن أحد القراء ممن يأخذون أجرا على قراءتهم قد أتى أخي به إلى البيت ليقرأ عليها ، وقد قال له هذا القاريء : بأن أختي يجب عليها ترك علاج الطب النفسي ، وأنها بالقراءة سوف تتعالج وترجع كما كانت ، أختي زادت حالتها سوءً منذ أن تركت علاجها ، وأخي مقتنع بكلام هذا القاريء ، فأرجو التكرم بالرد الشرعي في هذه المسألة ،

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

الرقية الشرعية نافعة للأمراض الحسية والمعنوية، لقوله تعالى:  وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا  الإسراء/82 .

لكن كل شيء بقدر، فقد يتأخر الشفاء وقد لا يحصل أصلا، كما يريد الله تعالى ويقدّر.

وقد سبق في جواب السؤال رقم : (225855) أنه لا تعارض بين العلاج النفسي والرقية الشرعية ، فثمة أمراض نفسية حقيقية ، تحتاج إلى علاج على يد مختص، فينبغي أن يُجمع حينئذ بين الدواء والرقية.

وإذا كانت أختك قد شُخص مرضها وعُلم، فليس من الصواب ترك الأدوية التي قررها لها الطبيب.

لكن تجمع بين الدواء والرقية ، لئلا تسوء حالتها كما ذكرت. وإن أمكن تقليل أدويتها بما يبقيها مستيقظة فهذا مطلوب؛ لأن النوم والخمول قد يضعف معه أثر الرقية.

والدليل على أنه لا يترك الدواء الحسي المجرب، ويعتمد على الرقية فقط: الأحاديث التي فيها الحث على التداوي، كقوله صلى الله عليه وسلم:  تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ  رواه أحمد (17726) ، وأصحاب السنن ، وأبو داود (3855) ، والترمذي (2038) ، وابن ماجه (3436) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".

فما دام المرض معلوما، فالأصل أخذ الدواء المقرر في شأنه علميا، مع استعمال الرقية الشرعية.

وأما إذا كان المرض غير معلوم، ويلجأ الطبيب إلى صرف المهدئات والمنومات، فهذا ينبغي التقليل منه ما أمكن، وتركيز الجهد في استعمال الرقية.

قال الشيخ عبدالله المطلق عضو هيئة كبار العلماء: "العلاج مطلوب والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (تداووا عباد الله ولا تداووا بحرام) ، فالبحث عن العلاج عند الأطباء المختصين مستحب وهو من فعل الأسباب، والله عز وجل هو الذي خلق الأمراض وخلق أسباب الشفاء، ومع ذلك فإن الرقية والاستشفاء بالقرآن والأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم هي من أسباب التداوي والشفاء، وهناك الكثير من الأحاديث التي رواها البخاري في صحيحه تؤكد وتدعم هذا).

وقال: "الإنسان لا يعلم أين يكون الدواء، فالرقية قد تكون السبب الوحيد للشفاء، كما يمكن أن يكون العلاج بالدواء هو السبب الوحيد ويمكن أن يكونا معاً، ولذلك على الإنسان أن يلجأ إليهما معاً".

وقال: "لا يجوز للراقي أن يطلب من المريض ترك تناول العلاج الذي يصفه الأطباء المهرة ، الذين درسوا في الجامعات واختبروا فعالية أدويتهم في المختبرات، وتكونت لديهم تجارب طويلة وعميقة في معالجة الأمراض ...

هؤلاء الرقاة الذين يستهينون بخبرة الأطباء هم أقل الناس حظاً من الفقه ، وفي الغالب هم الذين يبحثون عن المال ولا تهمهم صحة المريض، وإلا فما أحسن أن تجتمع الأسباب الروحية والمادية ، فتجتمع القراءة ، مع العلاج الذي يوصف في المستشفيات.

والرقاة الحقيقيون الذين جمع الله لهم بين العلم الشرعي والديانة ، هم من ينصحون المرضى بالجمع بين العلاج الروحي والمادي ، ويذكرونهم بأن كل هذه أسباب وأن الله هو الشافي" انتهى من:

https://www.alukah.net/spotlight/0/77973/#ixzz5YQks0ZrX

والحاصل :

أنه إذا كان مرض أختك معلوما، فالنصيحة ألا تتوقف عن أخذ الدواء، وأن تجمع إلى ذلك الرقية الشرعية.

والله أعلم.