عنوان الفتوى : الاحتفال بعيد الميلاد إذا لم يفعل بقصد التعبد هل يكون مباحا؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

سمعت من الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى أن ضابط البدعة: أن يتعبد الإنسان لله تعالى بما لم يشرعه الله تعالى، فيعني ذلك أن أعياد أو حفلات الميلاد ليست بدعة؛ لأن الحفلة تُقام للشخص إذا أكمل عاما، وليس فيها أي تعبد لله تعالى، فهل هذا صحيح؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله.

الاحتفال بعيد الميلاد قد يفعل عادة، كما هو الأكثر، وقد يفعل عبادة كالاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ومولد بعض الصالحين.

1 - فإن فعل عادة، فهو عادة دخيلة مأخوذة عن غير المسلمين، ففي الاحتفال بذلك تشبه مذموم ممنوع؛ لقوله قال صلى الله عليه وسلم: مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ رواه أبو داود (4031)، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود".

وقد حرصت الشريعة على منع التشبه بالكفار والمشركين في كثير من عاداتهم، كالهيئة واللباس والتحية وغير ذلك.

وليس لنا-أهل الإسلام- من مناسبة نعتاد الاحتفال بها، وتتكرر كل عام، -وهذا معنى العيد-إلا عيد الفطر وعيد الأضحى؛ لما روى أبو داود (1134)، والنسائي (1556) عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا ، فَقَالَ: مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ ؟ قَالُوا : كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا : يَوْمَ الْأَضْحَى ، وَيَوْمَ الْفِطْرِ وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2021).

ففي هذا منع إحداث الأعياد، والاقتصار على ما جعله الله لهذه الأمة من هذين العيدين الكريمين.

2 - وإن فعل الاحتفال تعبدا، وهذا لا يكاد يفعله الناس بمواليدهم، إنما يفعل في مثل مولد النبي، والموالد التي يعقدونها للأولياء والصالحين . وهو كله: بدعة ؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ) رواه البخاري (2697)، ومسلم (1718).

وقوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ رواه مسلم (1718).

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (3/88):

" أولا: العيد اسم لما يعود من الاجتماع على وجه معتاد إما بعود السنة أو الشهر أو الأسبوع أو نحو ذلك ، فالعيد يجمع أمورا ؛ منها : يوم عائد كيوم عيد الفطر ويوم الجمعة، ومنها : الاجتماع في ذلك اليوم، ومنها : الأعمال التي يقام بها في ذلك اليوم من عبادات وعادات.

ثانيا: ما كان من ذلك مقصودا به التنسك والتقرب أو التعظيم كسبا للأجر، أو كان فيه تشبه بأهل الجاهلية أو نحوهم من طوائف الكفار فهو بدعة محدثة ممنوعة داخلة في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد رواه البخاري ومسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.

وسئل الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله تعالى -: عن حكم أعياد الميلاد؟

فأجاب بقوله: "يظهر من السؤال أن المراد بعيد الميلاد عيد ميلاد الإنسان، كلما دارت السنة من ميلاده أحدثوا له عيداً تجتمع فيه أفراد العائلة على مأدبة كبيرة أو صغيرة.

وقولي في ذلك إنه ممنوع؛ لأنه ليس في الإسلام عيد لأي مناسبة سوى عيد الأضحى، وعيد الفطر من رمضان، وعيد الأسبوع وهو يوم الجمعة، وفي سنن النسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان لأهل الجاهلية يومان في كل سنة يلعبون فيهما فلما قدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة قال: ( كان لكم يومان تلعبون فيهما وقد أبدلكم الله بهما خيراً منهما يوم الفطر ويوم الأضحى )" انتهى، من "مجموع رسائل وفتاوى الشيخ ابن عثيمين" (16/198).

فالاحتفال بميلاد الإنسان، وجعل ذلك كل عام، يجعله عيدا، وهو دائر بين أن يكون تشبها بالكفار، أو بدعة محدثة.

فإذا لم يفعل تعبدا، خرج عن حد البدعة، وهذا لا يعني إباحته؛ لبقاء المحذور الآخر وهو التشبه بالكفار.

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...