عنوان الفتوى : والدهم كتب وثيقة بأن نصف البيت لوالدتهم لو مات قبلها واستأمنتهم على الوثيقة، وماتت فماذا يفعلون؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

قبل ما يزيد عن سنتين، توفيت والدتي رحمها الله تعالى، وقبل وفاتها كانت قد استأمنت أختي على أوراق، وبعد وفاة الوالدة رحمها الله تعالى، قامت أختي باستئماني على الأوراق التي عرفت فيما بعد أنها وثيقتان: الأولى دين بذمة والدي لصالح والدتي، والثانية سند يثبت أن والدي وهب لوالدتي نصف المنزل في حال وافته المنية قبلها. السؤال: والدي يبحث عن الورقتين، وهما بحوزتي، وأنا بين حفظ الأمانة وبين وإرضاء والدي، فماذا أفعل؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

أولا:

المراد من الوثيقة إثبات الحق لينتفع به صاحبه أو ورثته من بعده، وحيث إن الوالدة قد توفيت-رحمها الله- فورثتها من ينتفع بالوثيقة الأولى، وهي التي تخص الدين على الوالد، فالورثة بالخيار بين مطالبة الأب بهذا الدين، أو مسامحته فيه.

ولهذا لا نرى وجها لإخفاء هذه الوثيقة عن والدكم، فإن سامح الورثة، فأعطه الوثيقة ليتخلص منها.

وإن أردتم مطالبته، أو أراد بعض الورثة مطالبته، فليطالب، ولا تعط الأب الوثيقة حينئذ، بل أعطها لمن سيطالبه؛ لأنها وثيقة بحقه، وهذه فائدة الوثيقة كما تقدم.

ثانيا:

أما الوثيقة الثانية: فقد تضمنت ما يسمى بالرقبى، وهو قول والدك: إن متُ قبلك، فنصف المنزل لك.

وقد سبق بيان حكمها في جواب السؤال رقم : (438581) وجاء فيه: 

والرقبى مختلف فيها بين الفقهاء.

وفي "الموسوعة الفقهية" (10/36): "وهي باطلة عند أبي حنيفة ومحمد، فلا تفيد ملك الرقبة، وإنما تكون عارية، يجوز للمُعْمِر أن يرجع فيه ويبيعه في أي وقت شاء؛ لأنه تضمن إطلاق الانتفاع. فالرُّقْبى عندهما من التصرفات المؤقتة، لأنها عارية.

ويرى الشافعي وأحمد وأبو يوسف جواز الرقبى؛ لأن قوله: " داري لك " تمليك، وقوله "رقبى": شرط فاسد، فيلغو؛ فكأنه قال: رقبة داري لك، فصارت الرقبى عندهم كالعمرى في الجواز، فهي من التصرفات التي لا تقبل التأقيت، والرقبى لم يجزها الإمام مالك" انتهى.

فالرقبى تكون للمرقَب عند الشافعية والحنابلة، ويلغو الشرط.

ويدل لذلك ما روى أحمد (21650)، وأبو داود (3559) عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَعْمَرَ شَيْئًا فَهُوَ لِمُعْمَرِهِ مَحْيَاهُ وَمَمَاتَهُ، وَلَا تُرْقِبُوا، فَمَنْ أَرْقَبَ شَيْئًا فَهُوَ سَبِيلُهُ وصححه الألباني.

وروى النسائي (3709) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا تُرْقِبُوا أَمْوَالَكُمْ، فَمَنْ أَرْقَبَ شَيْئًا فَهُوَ لِمَنْ أُرْقِبَهُ وصححه الألباني.

قال في "شرح منتهى الإرادات" (2/ 435): "وإن شرط واهبٌ على موهوب له رجوعها - أي: الهبة بلفظ إرقاب أو غيره – لمعمِر، أي واهب، عند موته مطلقا، أو شرط رجوعها إليه، أي الواهب، إن مات موهوب له قبله، أي: الواهب، أو شرط رجوعها إلى غيره، كورثة واهب، إن مات قبل موهوب له- وهذه هي الرقبى سميت بذلك لأن كلا منهما يرقب موت صاحبه، وعن أحمد: الرقبى هي لك حياتك، فإذا مت فهي لفلان أو راجعة إلي، والحكم واحد، أو شرط واهب رجوعها مطلقا، أي: بلا تقييد بموت أو غيره – إليه، أو إلى ورثته، أو إلى آخرهما موتا =

لغا الشرط، وصحت الهبة لمعمَر، وبعده لورثته، كالأول، أي: كالمسائل المذكورة أولا.

وهو قول جابر وابن عمر وابن عباس، لحديث جابر: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرى لمن وهبت له متفق عليه.

ولأنه شرط ينافي مقتضى العقد، فلغا، وصح العقد، كالبيع مع الشرط الفاسد" انتهى.

وعليه؛ فتكون الهبة منجزة لوالدتك، ليست معلقة على شرط موت الأب قبلها.

لكن إذا وهب الزوج لزوجته السكن أو بعضه، وهو ساكن فيه، فإن الهبة لم تُقبض، فإذا ماتت، بطلت الهبة، كما سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم:(261441). 

وعليه؛ فهذه الوثيقة لا فائدة منها لكم، فأعطها لوالدك إذا طلبها.

والله أعلم.