عنوان الفتوى : متى يكون السجود للسهو قبل السلام ومتى يكون بعده؟
لدي سؤالان: السؤال الأول: عندما أقول ذكر في غير محله، فهل أسجد سجود السهو قبل السلام أم بعده؟ السؤال الثاني: الناس عندما يقومون من التشهد الأول يرفعون أيديهم مثل تكبيرة الإحرام، فإذا فاتني شيء من الصلاة وأنا أريد أن أكمل، فهل إذا قمت أرفع يدي مثل تكبيرة الإحرام؟
الحمد لله.
أولا:
من أتى بقول مشروع في غير محله، ثم أتى بالذكر الواجب، سن له سجود السهو، فإن كان لم يأت بالواجب، وجب عليه سجود السهو.
وذلك كمن قال في الركوع: سبحان ربي الأعلى، ثم تذكر فأتى بالواجب فقال: سبحان ربي العظيم، فهذا يسن له السجود، لأنه أتى بذكر أو قول مشروع، لكن في غير محله، فإن فاته أن يأتي الواجب وجب عليه السجود.
قال في "كشاف القناع" (1/399): " (وإن أتى بقول مشروع في غير موضعه، غيرِ سلام، ولو) كان إتيانه بالقول المشروع - غير السلام - (عمدا ، كالقراءة في السجود و) في (القعود، و) كـ (التشهد في القيام، وقراءة السورة في) الركعتين (الأخريين ونحوه) ، أي نحو ما ذكر كالقراءة في الركوع : (لم تبطل) الصلاة به . نص عليه [يعني : الإمام أحمد] ؛ لأنه مشروع في الصلاة في الجملة .
(ويشرع) أي: يسن (السجود لسهوه) ؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين" انتهى.
وينظر: جواب السؤال رقم: (170072).
ثانيا:
مذهب الإمام أحمد أن المصلي مخير في سجود السهو، فله فعله قبل السلام أو بعده، لكن الأفضل هنا أن يكون قبل السلام، عملا بالأصل.
قال في شرح المنتهى (1/ 234): "(وهو) أي: السجود الذي محله بعد السلام: (ما إذا سلم) من صلاة (قبل إتمامها)؛ لقصة ذي اليدين.
(وكونه) أي: السجود (قبل السلام، أو بعده : ندب) ؛ لأن الأحاديث وردت بكل من الأمرين،
فلو سجد للكل قبل السلام، أو بعده : جاز .
لكن قال في رواية الأثرم: أنا أقول: كل سهو جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يسجد فيه بعد السلام ؛ فإنه يسجد فيه بعد السلام، وسائر السهو يسجد فيه قبل السلام.
ووجهه: أنه من شأن الصلاة ، فيقضيه قبل السلام، كسجود صلبها، إلا ما خصه الدليل" انتهى.
وثمة صورة ثانية يكون فيها السجود بعد السلام على الراجح ، وهي : إذا شَكّ، وكان يترجَّح له أحد الطَّرفين، فيعمل بالرَّاجح لديه، ويسجد بعد السَّلام؛ لما روى البخاري (401) من حديث ابن مسعود مرفوعا: (وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ، فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ).
وينظر: "الشرح الممتع" (3/381).
وعليه ؛ فالأصل أن السجود كله قبل السلام إلا في حالتين:
1-إذا سلم قبل إتمام الصلاة.
2-حالة الشك مع ترجح أحد الطرفين.
وينظر أيضا للفائدة: جواب السؤال رقم: (12527)، ورقم: (77430).
ثانيا:
ثبت رفع اليدين في الصلاة في أربعة مواضع : عند تكبيرة الإحرام ، وعند الركوع والرفع منه ، وبعد القيام من الركعتين .
وقد روى البخاري (739) عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما "كَانَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ ، وَإِذَا قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ ، وَإِذَا قَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ ، وَرَفَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
واختلف في الرفع عند القيام للثالثة: هل هو لكونه قائما من التشهد، أم لكونه قائما للثالثة، وعليه تنبني مسألة رفع المسبوق ليديه.
وما يدركه المسبوق مع الإمام هو أول صلاته، كما هو مذهب الشافعية.
وعليه:
فلو أدرك ركعتين، ثم قام بعد سلام الإمام إلى الثالثة؛ فلا إشكال في كونه يرفع يديه.
وأما لو أدرك ركعة واحدة، ثم قام إلى الثانية، أو أدرك الثانية مع الإمام، ثم قام معه، فهل يرفع لأنه قائم من تشهد، أم لا يرفع لأنه لم يقم للثالثة؟
والأظهر الأول.
قال في "حاشية إعانة الطالبين" (2/23): "(قوله: ويرفع يديه إلخ) يعني يرفع المسبوق ندبا، عند قيام الإمام من تشهده، الأول تبعا [للإمام] في ذلك.
ومقتضى التعليل بالتبعية: أنه لو لم يأت به الإمام، لا يأتي هو به.
لكن قال ابن حجر : إنه يأتي به ولو لم يأت به إمامه. فتنبه" انتهى.
وقد سئل عن ذلك الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فقال :
يرفع يديه ، لأن الظاهر أن رفع اليد إذا قام إلى الركعة الثالثة من أجل قيامه من التشهد ، وهذا المعنى موجود فيمن دخل مع الإمام متأخراً. والله اعلم .
وينظر: جواب السؤال رقم: (21506)، ورقم: (126777).
والله أعلم.