عنوان الفتوى : شرع الله واحد لا اختلاف فيه ولا افتراق
ما الفرق و المذاهب؟ وكيف تكونت؟ وهل كلها صحيحة أم لا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الله تعالى شرع لجميع الرسل دينا واحدا ونهى عن التفرق والاختلاف. قال تعالى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [الشورى: من الآية13]. وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ [الأنعام: 159]. قال الإمام ابن كثير في تفسيره: والظاهر أن الآية عامة في كل من فارق دين الله تعالى وكان مخالفا له، فإن الله بعث رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وشرعه واحد لا اختلاف فيه ولا افتراق. فمن اختلف فيه وكانوا شيعا أي فرقا كأهل الملل والنِّحل والأهواء والضلالات، فإن الله تعالى قد برّأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مما هم فيه. انتهى. وعليه، فإن الافتراق في الدين سببه اتباع الهوى وسلوك الطريق المخالف لما شرع الله. ولذا، فإن الفِرَق كلها على ضلال وباطل، إلا الفرقة الناجية التي تمسكت بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، كما في الفتوى رقم: 17713. أما المذاهب: فخير تعريف لها: ما جاء في كتاب "الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة" حيث يقول: المذاهب الفقهية هي مذاهب اجتهادية في مسائل الشريعة الفرعية، وهي جميعا لا تختلف حول أصول الشريعة، ولو في جزئية واحدة، والأصل أنه لا مذهبية، ولكن الضروة دعت إلى تتبع اجتهاد فقهاء المذاهب الفقهية من أجل التمكن من حل المشكلات العملية بيسر وسهولة. وحول نشأة المذاهب المذكورة جاء في الكتاب المذكور: وقد نشأت هذه المذاهب كمدارس فقهية لتلبية حاجة المسلمين الماسة إلى معرفة أحكام دينهم، وإنزال هذه الأحكام على الوقائع الجديدة، وهذه الحاجة إلى الفقه قائمة في كل زمان لتنظيم علاقات الناس الاجتماعية من خلال معرفة حقوق كل إنسان وواجباته، وتبيان المصالح المتجددة ودرء المفاسد المتأصلة والطارئة. وهي مذاهب اجتهادية أعوزت إليها الوقائع اللامتناهية، والتي لا يمكن أن تضبطها النصوص المتناهية، فقامت لإيجاد حل شرعي. انتهى. وحول أسباب اختلاف العلماء أصحاب المذاهب يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "رفع الملام عن الأئمة الأعلام": وبعد، فيجب عل المسلمين بعد موالاة الله ورسوله موالاة المؤمنين، كما نطق به القرآن الكريم، وخصوصا العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، وليعلم أنه ليس أحد من الأئمة المقبولين عند الأمة قبولا عاما يتعمد مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من سنته في دقيق ولا جليل، فإنهم متفقون اتفاقا يقينيا على وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن إذا وجد لواحد منهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه، فلا بد من عذر في قوله. انتهى. ثم بين رحمه الله أن الأئمة الفقهاء مجتهدون مخلصون لا مبتدعون، والمجتهد إن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد. والمذهب الصحيح هو المنسوب لإمام عُرف بتقوى الله تعالى، وورعه واتباعه لسنة النبي صلى الله عليه وسلم. والمذاهب التي اشتهرت ودونت مسائلها هي المذاهب الأربعة المعروفة، ولمعرفة انتشارها، راجع الجوابين التاليين: 32075، 31408. والله أعلم.