عنوان الفتوى : وجوب الستر على النفس من الوقوع في الفاحشة
أنا امرأة متزوجة، وقد قمت بالزنا، وندمت، وتبت إلى الله توبة صادقة، وأرجوها كذلك. وتقربت إلى الله وقمت بأعمال صالحة، ولكن أشعر دائما بضيق وهم مما حدث، وندم ولم أعد أستطيع أن أعيش حياتي كالسابق؛ فضميري دائما يؤنبني، وأشعر باليأس أحيانا أن الله لم يقبل توبتي، وبدأت الوساوس أكثر بأن علي أن أخبر زوجي وأطلب منه المسامحة؛ لعل الله يغفر لي، ولكن أخشى أن يقوم بفعل أعظم وفكرت أيضا أن أخبر الشخص الذي فعل معي هذا الجرم أن يطلب السماح من زوجي، ولكن أخشى أن يحدث أمر أفظع، وربي قد سترني، ولا أريد الفضيحة لي، ولا لأطفالي. فماذا علي أن أفعل؟
جزيتم خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي منّ عليك بالتوبة من الزنا، واعلمي أنّ التوبة الصحيحة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، بل إن الله يفرح بتوبة العبد ويحب التوابين، ويبدل سيئاتهم حسنات، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود له، مع الستر على النفس؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:... أَيُّهَا النَّاسُ؛ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ. مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا، فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ. رواه مالك في الموطأ.
قال ابن عبد البر -رحمه الله- في التمهيد: وفيه أيضا ما يدل على أن الستر واجب على المسلم في خاصة نفسه، إذا أتى فاحشة. انتهى.
فاستري على نفسك ولا تفضحيها، ولا تخبري زوجك أو غيره بما وقعت فيه من الفاحشة، واحذري من مكالمة الشخص الذي وقعت معه في الحرام أو مراسلته، وسؤاله إخبار زوجك واستحلاله، فكل ذلك لا نفع فيه، وقد يترتب عليه مفاسد عظيمة. فأعرضي عن هذه الخواطر، واستري على نفسك، واجتهدي في الأعمال الصالحة، وأبشري بقبول توبتك، وعفو الله ومغفرته.
والله أعلم.