عنوان الفتوى : هل تأخذ الجمعية نسبة من التبرعات لتغطية نفقاتها؟
نحن جمعية خيرية، يصلنا تبرعات مشروطة، وتبرعات صدقة عامة، هل يمكن أخذ نسبة من جمع التبرعات لتغطية المصاريف الإدارية؛ كأيجار مقر الجمعية، وتكلفة المطبوعات، ولا يوجد لدينا أي موظف ورواتب بالأساس؟
الحمد لله.
أولا :
أما التبرعات المشروطة، فالواجب صرفها كاملة في الجهة التي عينها دافعها، والجمعية الخيرية في هذه الحالة تكون وكيلا عن الدافع، والوكيل لا يتصرف إلا فيما أذن له فقط، والجمعية إنما أذن لها أن تنفق هذا المال في مصارف محددة، فلا يجوز لها مخالفة شرط الدافع.
وهذا شبيه بما ذكره العلماء من وجوب العمل بشرط الواقف، ولا يجوز لناظر الوقف أو غيره أن يغير الشروط التي اشترطها الواقف.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
قوله: ويجب العمل بشرط الواقف، أي: على من كان ناظراً على الوقف.
وقوله: بشرط الواقف، أي: بما شرط من وصف أو قيد أو إطلاق أو جهة أو غير ذلك، فلا يُرجع في ذلك إلى رأي الناظر، بل إلى ما شرط الواقف، فيُعمل به بشرط ألاّ يخالف الشرع، والدليل: أن الله عزّ وجل قال في الوصية: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ البقرة/181 ، فبيَّن الله تعالى أن من بدل الشرط الذي اشترطه في نقل ملكه بعدما سمعه فعليه الإثم، وهدد من التبديل بقوله: إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.
ومن السنة أن عمر ـ رضي الله عنه ـ اشترط في إيقافه في خيبر شروطاً ، ولولا أنه يجب تنفيذها لكان اشتراطه لها لا فائدة منه.
والتعليل : لأن الواقف أخرج ملكه عن هذا الموقوف على وصف معين، فلا يجوز أن يتجاوز به إلى غيره" انتهى من "الشرح الممتع" (11/33).
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/608) المجموعة الثالثة:
"لا يجوز للقائمين على جمع التبرعات من المحسنين لصرفها في الوجوه الخيرية، أن يُعْطُوا منها شيئًا للموظفين لديهم ، أو لمن يقومون بجمعها من المحسنين المتبرعين؛ لأن المتبرعين دفعوها لهم لإيصالها إلى مستحقيها ، أو صرفها في أعمال البر .
فهم يعتبرون وكلاء للمتبرعين في إيصال الأموال إلى من خصصت له ؛ والوكيل لا يتصرف إلا في حدود ما أذن له فيه.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان . الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان . الشيخ محمد بن حسن آل الشيخ . الشيخ عبد الله بن محمد بن خنين . الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/608) المجموعة الثالثة.
ثانيا :
أما الصدقات العامة، وهي التي لم يحدد لها دافعها مصرفا محددا، فيجوز للجمعية أن تأخذ منها ما تنفقه على مطبوعاتها، أو لدفع إيجار مقرها، لأن هذا داخل في الصدقة العامة ، فليس مخالفا لغرض الدافع لها، وفي ذلك إعانة للجمعية على الاستمرار في أعمال البر.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
يوجد رجل يعطي شخصاً آخر مبلغاً من المال ليصرفه على مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، وهذا الشخص جمع مبلغاً من هذا المال واشترى سيارة كبيرة، يقول: إنها للتحفيظ، فما حكم هذا العمل؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا العمل يحتاج إلى تفصيل:
"ما يختص بصرف المال الذي أعطيه، فإن كان لمصلحة المدرسة عامة فلا بأس أن يشتري سيارة لمصلحة المدرسة، فإن كان معيناً للمعلمين والطلبة فإنه لا يجوز صرفه لغيرهم" انتهى، "مجموع فتوى الشيخ ابن عثيمين" (18/476).
وينظر للفائدة: جواب:(215051)، ورقم:(190566).
والله أعلم