عنوان الفتوى : صرف الزكاة في مشاريع تنموية للفقراء

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

نحن مجموعة من الشباب أنشانا جمعية تنموية وخيرية ؛ كل الآتي يتم تنفيذه في الجمعية : المشروعات التنموية : 1-القضاء على الجهل , شراء كتب لتعليم الأميين القراءة والكتابة. 2-التوعية ضد أضرار التدخين والمخدارت , عمل منشورات ورقية ويتم توزيعها على الناس لتوعيتهم . 3-رفع المستوى المعيشي للفقير , عمل مشروع صغير للفقير بهدف أنه يكسب قوت يومه ، ويسد احتياجات بيته . 4- كل مشروع تنموي يعين على التقدم بالمجتمع والازدهار. المشروعات الخيرية : توزيع الآتي على الفقير المحتاج : 1-شراء بطاطين وسجاد في الشتاء . 2-شراء مواد تموينية غذائية . 3-ترميم المنازل ( أسقف وحوائط و ..الخ ) لتوفير الأمن والدفء 4-شراء أدوية . 5-سداد الديون . 6-شراء أجهزة كهربائية ضرورية . 7-شراء ملابس ( دراسية - منزلية - الأعياد - ..الخ ). 8- كل شيء يأتي لمصلحة الفقير وإعانته . في الوقت الحالي يتم جمع تبرعات من زكاة المال والصدقات لإعانة الفقراء ، ووجدنا أن أموال زكاة المال أكثر من الصدقات ، وعلمنا أن زكاة المال يجب أن تخرج مالا للفقير في يديه ، وهو يتصرف بها كما يشاء , ولكن نرى بعض الفقراء يأخذون المال ويصرفونه في أشياء ليست لازمة لحاجته , وهناك فقراء آخرين يحتاجون للمال . وبالتالي نحن نعمل بحث حالة لمنزل الفقير ، ونبحث فيما يحتاجه الفقير ، ونوفره له باستخدام مال الزكاة ، بدلا من أن نعطيه المال ويضيعه ؛ فهل هذا صحيح ؟ هل من الممكن استخدام زكاة المال في تمويل المشروعات التنموية ؟ هل من الممكن استخدام زكاة المال في دفع الإيجار الشهري لمقر الجمعية ؟

مدة قراءة الإجابة : 9 دقائق

الحمد لله.


أولاً :
المذكور في السؤال أن المال الذي تستقبله الجمعية على قسمين:
1ـ صدقات مستحبة .
2ـ زكاة واجبة .
فأما الصدقات غير الواجبة : فمصرفها واسع ، ما دام أنه قد إعلام المتبرِع بالجهة التي سوف تصرف إليها ، ويلزم التقيد بإذن المتبرع في الصرف ، وعدم تجاوزه إلى مصرف آخر ، إلا إذا فوض الأمر إليكم في تعيين مصرف المال الذي تبرع به ، أو تعذر الصرف فيما حدده ، فينظر إلى أقرب المصارف شبها به ، فيوضع تبرعه فيه .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" ما جمع لغرض معين : فإنه لا يصرف إلا في هذا الغرض المعين ، ما لم يتعطل" .
انتهى من " لقاء الباب المفتوح " لقاء رقم : (43) .

ثانيا :
أما الزكاة الواجبة فلا يجوز صرفها في غير الأصناف الثمانية التي بينها الله تعالى في كتابه.
والأصل : أن تدفع الزكاة للمستحق مالا لينفقه في حاجته ، ويستثنى من ذلك حالات عدم أهلية مستحق الزكاة لنحو جنون أو صغر ، أو سفه ، أو الحالة التي يتم فيها استئذان المستحق للزكاة ليشترى له ما يحتاجه فيكون توكيلا منه للمشتري .
وقد سبق تفصيل هذه المسألة في الأسئلة رقم : (42542) ، (138684).

ثالثا :
أما دفع الإيجار لمقر الجمعية فلا يجوز صرف الزكاة فيه .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الجمعية الخيرية تجمع أموال زكاة وتوزعها على الفقراء والمساكين ، وهي الآن في بناية لي ، فهل لها أن تدفع إيجار المبنى من أموال الزكاة ؟" .
فأجاب :
" أموال الزكاة : لا يجوز أن يدفع منها، ثم الواجب على هذه الجمعية أن تفعل كما فعل غيرها : أن تجعل بنداً خاصاً للزكاة ، وبنداً للصدقات ، وبنداً للأعمال الخيرية العامة .
المهم أنها لابد أن تميز الزكاة عن غيرها .
السائل: ما وجدنا يا شيخ من أموال الصدقات أو التبرعات الأخرى ما يفي سداد الإيجار؟
الشيخ: إذا لم تجد ، تطلب من شخص معين أجرة هذا المكان " .
انتهى من " لقاءات الباب المفتوح " (141/12) .

رابعا :
استخدام أموال الزكاة في تمويل المشروعات التنموية المذكور في السؤال فيه تفصيل :

1. فأما صرف أموال الزكاة في شراء الكتب لتعليم الأمي : فالأصل كما سبق أنه لا بد من تمليك الفقير مال الزكاة ، وعليه فليس لكم شراء الكتب من مال الزكاة للفقير ، إلا في حالة حاجة الفقير إليها ، وعدم أهليته للتصرف وقضاء حاجته بنفسه ، كما سبق ذكره في الفقرة "ثانيا" ؛ ولكن إذا طلب الفقير زكاة ليصرفها في شراء كتب يرفع الجهل بها عن نفسه في دينه ، أو يحتاجها في مصلحة دنياه ، بما يعينه على التكسب ودفع حاجته : فهي داخلة في حاجات الفقير التي تصرف فيها الزكاة .
قال المرداوي :
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : جَوَازَ الْأَخْذِ مِنْ الزَّكَاةِ لِشِرَاءِ كُتُبٍ يَشْتَغِلُ فِيهَا بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ كُتُبِ الْعِلْمِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا لِمَصْلَحَةِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ انْتَهَى، وَهُوَ الصَّوَابُ. " .
انتهى من "الإنصاف" (3/ 218) .
كما يجوز صرف الزكاة لشراء كتب شرعية لطالب علم متفرغ له ، وإنشاء مكتبات شرعية تعين على التفقه في الدين ، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الذي أرى جواز صرف الزكاة لطلبة العلم المنقطعين لطلبه إذا كان علماً شرعيًّا ؛ لأن الدين قام بالعلم والسلاح ، قال الله تعالى : ( يَاأَيُّهَا النَّبِىُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) ، ومن المعلوم أن جهاد المنافقين إنما هو بالعلم لا بالسلاح ، وعلى هذا فتصرف الزكاة لهم في نفقاتهم ، وما يحتاجون إليه من الكتب ، سواء كان على سبيل التمليك الفردي الذي يشترى لكل فرد منهم ، أم على سبيل التعميم كالكتب التي تشترى فتودع في مكتبة يرتادها الطلاب ، لأن الكتب لطالب العلم ، بمنزلة السيف والبندقية ونحوهما للمقاتل.
أما بناء المساكن والمدارس لطلبة العلم ففي نفسي شيء من جواز صرف الزكاة فيها، والفرق بينها وبين الكتب : أن الانتفاع بالكتب هو الوسيلة لتحصيل العلم ، فلا علم إلا بالكتب ، بخلاف المساكن والمدارس ، لكن إذا كان الطلبة فقراء استؤجر لهم مساكن من الزكاة ، فتصرف إليهم في هذه الناحية من سهم الفقراء ، ويستحقون ذلك لفقرهم ، وكذلك المدارس : إذا لم تمكنهم الدراسة في المساجد " انتهى من "مجموع الفتاوى" (18/ 392) .

2. وأما صرف أموا ل الزكاة في التوعية ضد أضرار التدخين والمخدارت , بعمل منشورات ورقية وتوزيعها : فلا يجوز ؛ لأن ذلك ليس مصرفا من مصارف الزكاة ، فيكتفى بالإنفاق عليه من الصدقات العامة لديكم .

3. وأما صرف الزكاة في مشاريع للفقراء يتكسبون منها قوتهم ، فله صورتان:

- الأولى : أن تكون على وجه لا تعود فيه ملكية تلك المشاريع للفقراء ، بحيث تصرف لشراء محلات أو أدوات تكون ملكا عاما للجمعية أو غيرها ، ويكون المستحق للزكاة أجيرا فيها، فهذه لا يجوز صرف الزكاة فيها؛ لعدم حصول التمليك للمستحق ابتداء ولا مآلا ، وإنما هذه صورة الوقف ، وهناك فرق بين أموال الوقف ، وأموال الزكاة .
جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 451) :
" لا يجوز لجمعية البر الخيرية أن تعمر بيوتا أو نحوها بما جمعت من أموال الزكاة ، لتملكها وتنفع بها المحتاجين ، بسكناها أو بأجرتها، لما في ذلك من تملك الزكاة من لا حق له في تملكها ، مع أن ذلك قد يفضي إلى ضياع أصلها على جهة الاستحقاق ، ولما فيه من تخصيص نوع النفع ، وتأخير وصوله إلى المستحق ، ولما فيه من التحكم في مصالح تلك المصارف .
وقد جرب ذلك في الجملة ففشل . ولأنه مخالف للنص دون مسوغ شرعي " .

- الثانية : أن يمّلك المستحق للزكاة المالَ ، بحيث يعطى من المال ما يشتري به أدوات حرفة يستطيع التكسب منها ، أو يكون رأس مال في تجارة يحسنها، فهذا لا بأس بصرف الزكاة فيه .

قال الرملي ـ الشافعي ـ :
" من يحسن حرفة تكفيه لائقة .. فيعطى ثمن آلة حرفته وإن كثرت ، أو تجارة : فيعطى رأس مال يكفيه لذلك ربحه غالبا ، باعتبار عادة بلده " انتهى من " نهاية المحتاج " (6/ 161).
وهو رواية عن الإمام أحمد ، قال المرداوي :
"وعنه : يأخذ تمام كفايته دائما ، بمتجر أو آلة صنعة ، ونحو ذلك ، اختاره في الفائق ، وهي قول في الرعاية " انتهى من "الإنصاف" (3/ 238) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"ويجوز الأخذ من الزكاة لما يحتاج إليه في إقامة مؤنته ، وإن لم ينفقه بعينه في المؤنة.
وقيل لأحمد رحمه الله : الرجل يكون له الزرع القائم ، وليس عنده ما يحصده : أيأخذ من الزكاة؟ قال: نعم يأخذ " انتهى من " المستدرك على فتاوى ابن تيمية " (1 / 132).

والله أعلم .